قلنا مع بدء الأزمة الاقتصادية العالمية انها بمثابة زوبعة عاتية ألقت بجمع من الناس في مياه البحر وانهم وإن تساووا في لحظة السقوط إلا أن الفارق بينهم سيحدث في سرعة الخروج من ذلك اليم المتلاطم فالإدارة الكفؤة هي أشبه بالسباح الماهر الذي سيخرج سريعا من الماء وسيتلوه السباح الأقل مهارة وهكذا حتى ينتهي الأمر بنجاة من ينجو وغرق من يغرق ممن لم يتعلموا السباحة.
ومن ذلك فمع اللحظة الأولى لسقوط الاقتصادين المحلي والعالمي في بحور الخسائر والانكماش بادرت الإدارة الكفؤة لمؤسسة الخليج للاستثمار (G.I.C) المملوكة بالكامل لحكومات الدول الخليجية باتخاذ اجراءات سريعة لاخراج نفسها من البحر وتأكيد دورها الريادي في إطلاق المشاريع التنموية التي تدعم اقتصادات الدول الخليجية وتوفر فرص العمل الملائمة لأبنائها.
فلم تهتز المؤسسة بسبب الأزمة ولم تقم كغيرها بالانسحاب من المشاريع الرئيسية التي ابتدأتها بل أعادت سريعا هيكلة نفسها وعززت التواجد في مشاريعها، ومن ذلك نجاحها الفائق في الحصول على التمويل الدولي اللازم لاستكمال مشروع «الدر» للطاقة في البحرين والذي بلغت كلفته الإجمالية 2.1 مليار دولار والكفيل بعد الانتهاء منه بتوفير ثلث احتياجات البحرين من الكهرباء والماء.
كما تبنت الإدارة التنفيذية لمؤسسة الخليج مفهوم ان تكون مبادرا لا تابعا وان تخلق فرص العمل بدلا من انتظارها ومن ذلك الدخول في استثمارات جديدة متعددة في الدول الخليجية قاربت كلفتها النصف مليار دولار حيث تم إنشاء أكبر شركة لإعادة التأمين في الخليج، كما توجت نشاطها في قطاعي الحديد والصلب بإنشاء أكبر مشروع في العالم العربي لإنتاج كريات الحديد و«الستانلس ستيل» اضافة الى مشروعي «مرافق» و«الشقيق» في المملكة العربية السعودية.
وقد تم خلق قاعدة اختصاص عالية الكفاءة ضمن جدران المؤسسة على مفهوم ضرورة الاستشراف المستقبلي، فقطاع مزدهر اليوم قد لا يكون بالضرورة أحد القطاعات الهامة في المستقبل وطبقا لذلك فقد تم خلق صندوق للتنمية الصناعية والطاقة، والتعاون مع مؤسسة كونفرس بورد لدراسة أفق النمو الاقتصادي في الخليج خارج نطاق النفط وهي دراسة هامة يمكن للحكومات الخليجية الاستفادة منها في برامج عملها.
إن تسليط الضوء على تجربة مؤسسة الخليج للاستثمار أمر هام يمكن التعلم منه فهي وإن كانت مؤسسة حكومية 100% إلا أنها تدار بكفـــاءة عالية جدا تشابه أنجح إدارات القطاع الخاص، ومعروف ان المؤسسة قد تم تأسيسها برأسمال مدفوع قدره 540 مليون دولار إلا أنها استطاعت خلال مسيرتها ان تحقق أرباحا مجمعة زادت على 2.9 مليار دولار عبر الاستثمار الاحترازي والبعد عن القروض الكبيرة ذات الآجال الصغيـــرة، أو القيام بمشاريع ذات مخاطر كبيرة في دول أخــرى لا يمكن السيـــــطرة على تشريعاتها أو أنظمتــــها النقدية.
آخر محطة:
(1) بينما نحن مشغولون في الصراع السياسي الحاد، خسر مئات الآلاف من الكويتيين من حملة أسهم الشركات المساهمة الكويتية 2.9 مليار دينار لا دولار من مدخراتهم خلال شهر أكتوبر فقط، ولا أحد يسأل عن أحوالهم.
(2) نشر في صحف الأمس لقاء أظهر ان استثمارات بيت التمويل في مملكة البحرين فاقت 20 مليار دولار بسبب التسهيلات التي يتلقونها هناك، والسلام والتحية لمن ابتدع قانوني 8 و9 لـ 2008 (الجديد B.O.T) الذي «طفش» الأموال والاستثمارات من البـــلد والذي يصر البعض على عدم تعديله.