تخرج الخبير الاقتصادي العالمي د.محمد العريان في جامعة كمبريدج العريقة وحصل على الدكتوراه من جامعة اكسفورد وأدار محفظة جامعة هارفرد لسنوات، كما اصبح مسؤولا عن منطقة الشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي، ويعتبر العريان وبحق «عبقريا» في انجازه وادائه وفكره الاقتصادي وقد حضر للكويت قبل مدة وألقى محاضرة عن الاوضاع الاقتصادية وأجاب بعدها عن العديد من الاسئلة مما رسم خارطة طريق واضحة للسبيل الامثل لتقليل اضرار الكارثة القائمة والقادمة.
وبعد ان سلط د.العريان الضوء على اربعة امور بدأت في صيف 2006 وانتهت في منتصف سبتمبر 2008 اي تاريخ سقوط بنك ليمان براذرز رأى ان القضية هي اشبه بأربع انابيب تشفط الاوكسجين من صالة «العالم» ومن ثم فالامر يحتاج الى ضخ الاوكسجين اي السيولة النقدية والثقة في نفوس الناس بالسرعة الممكنة، كما يرى ان المشكلة الحالية غير مسبوقة في التاريخ البشري وان العالم سيمر بمرحلة حرجة جدا العام الحالي، كما سينتهي الامر مستقبلا بنظام اقتصادي جديد تتحول فيه الحكومات من حكم لما يجري الى لاعب فاعل في الملعب، كما ستتغير المفاهيم العامة للبشر من حب حيازة وملكية البيوت والسيارات.. الخ الى التفكير الجدي في الادخار وحماية المستقبل.
لا أعلم كم من النواب الافاضل قد حضر واستمع لتحذير الخبير العالمي د.محمد العريان من الخطورة الشديدة للأوضاع القائمة وتبعيات عدم عمل اي شيء بحجة ان قانون الاستقرار الاقتصادي يقصد منه انقاذ 20 شخصا ! وان كنت اعلم ان الجهل بالعمل السياسي هو الذي دمر اللعبة السياسية في البلد وشوّه صورته عندما اختزل الدستور في مادة حق الاستجواب ونسي المواد الاخرى، كما دمر الجهل بالشأن الاقتصادي مشاريع التنمية العقارية وأوقف B.O.T وتسبب في هجرة المليارات للدول الاخرى.
ان قروض الشركات ومحافظها في البنوك التي اشترتها او عومتها الدول الاخرى وآخرها الشقيقة قطر ستسبب ـ ما لم تعالج ـ إفلاس الشركات العامة والبنوك والدولة معها، فمقابل قروض الشركات المقدرة بالمليارات تم ايداع محافظ اسهم كرهونات فمن اقترض 90 مليون دينار على سبيل المثال سلّم محفظة اسهم بـ 100 مليون دينار لم تعد تساوي بعد تأخر عملية الانقاذ الا 10 ملايين، فإذا لم تتدخل الدولة فستفلس الشركات والبنوك وتبدأ عملية «الجري للبنوك» التي ستكلف الدولة ما يقارب 25 مليار دينار كثمن لضمان الودائع التي لم يكلف الدولة فلسا حتى اليوم.
ان عملية الانقاذ والاستقرار الاقتصادي اهم بآلاف المرات من اي عملية اخرى كونها تؤثر بشكل مباشر على 3 ملايين مواطن ومقيم (لا عشرين شخصا) كما تؤثر في الوقت ذاته على مستقبل البلد وبقاء مؤسساته الاخرى كالتأمينات ومشاريع الاسكان وغيرها، ان من يريد من النواب ان يضع اي تعديلات يراها عليه أن يقبل بعد ذلك بالخيار الديموقراطي المعروف، اي القبول بها او رفضها دون تهديد او وعيد، فقد شبعنا من قوانين ومواقف ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، ينطبق عليها المقولة الشهيرة «العملية نجحت ولكن المريض اي الكويت قد مات» ولا حول ولا قوة الا بالله.
آخر محطة:
العزاء الحار لآل الحجرف الكرام وللكويت كافة بوفاة الراحل الكبير المرحوم هيف الحجرف، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.