كانت ومازالت هناك توأمة روحية بين الكويت ولبنان، فهل كانت هناك فرصة لضمهما في دولة واحدة؟! الجواب هو نعم، ففي فبراير 1958 تقررت وحدة مصر وسورية وانضمت لهما السعودية واليمن، لذا قرر العراق خلق مشروع الاتحاد الهاشمي، وطلب نوري السعيد من اميركا وبريطانيا اقناع الكويت ولبنان بالانضمام لتلك الوحدة كي تصبح رباعية كحال الوحدة الأخرى، الا ان الشيخ عبدالله السالم رفض تلك الدعوة مما جعل الرئيس اللبناني كميل شمعون يتردد في قبولها بعد أن كان موافقا عليها.
قامت الوحدة المصرية – السورية وصدر قبل أيام كتاب «شاهد من المخابرات السورية 1955 – 1968» وهو مذكرات فوزي الشعيبي الساعد الأيمن لعبدالحميد السراج، والشعيبي هو من كشف مؤامرة حلف بغداد للثورة في سورية عبر تتبعه لتحركات شكيب وهاب، وكانت تلك المؤامرة هي التي عجلت بالوحدة، كما شرح تفاصيل قضية المليون وتسعمائة الف جنيه استرليني التي دفعت للسراج للانقلاب على الوحدة، فسلمها لعبدالناصر الذي كان في زيارة لدمشق.
ويستمر الشعيبي في مذكراته فيروي تفاصيل تدخل سورية ومصر في شؤون لبنان واشعال الثورة على كميل شمعون، ومعها تفاصيل مقتل الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو اثناء تعذيبه، وان نفى تذويبه بالاحماض كما اشيع، ويضيف انه سجل بواسطة احد زعماء محافظة السويداء تفاصيل المؤامرة التي خططت للانفصال بالاسماء والرتب، وانه حمل شريط التسجيل لمكتب المشير عامر في دمشق الذي طلب تسليم الاشرطة لمدير مكتبه دون ان يستمع له، وقد حدث الانفصال تماما كما أتى في المخطط، وانفصمت عرى وحدة عربية كبرى بسبب اهمال المشير المعتاد حتى ان مؤامرة الانفصال قام بها ضباط مكتبه.
والى «الجنة الضائعة» أي مذكرات نزيهة الحمص حرم اكرم الحوراني زعيم الانقلابات في سورية، وتذكر ضمنها ما حدث عندما خرج الحوراني وصلاح البيطار وميشيل عفلق هاربين من سورية الى لبنان عام 1953 واحضر لهم الزعيم الوطني اللبناني الكبير (…..) في سيارته الفولكسفاغن امرأة اجتمعت بالزعماء الثلاثة على انفراد، وعندما خرجت ابلغها الحوراني بأنها مرسلة من اسرائيل تعرض عليهم تبنيهم ودعمهم، وان ذلك الزعيم كان يعرف تفاصيل مهمتها.
وتروي الحمص ما حدث بعد شهرين من قيام الوحدة ووجودها وزوجها نائب رئيس الجمهورية اكرم الحوراني في جناحهما في فندق شبرد في القاهرة عندما دخل عليهما ليلا دون «احم أو دستور» رجال مخابرات صلاح نصر وفتشوا شنطهما أمامهما، كما عذب قريب زوجها عبدالفتاح السيهان ليتجسس عليهما، وتقول ان عبدالناصر كان يعتمد بالمطلق على ما تقوله وتكتبه مخابراته دون نقاش، وكان يستهزئ أمامهم بالعشرين الفا من معتقلي الواحات، ويقول إن اعداد الاخوان المسلمين منهم تكفي لبناء عدة مساجد، واعداد الشيوعيين تكفي لبناء عدة مستوطنات زراعية (كولخوزات) وقد أنهت تلك الوحدة حالة الود والاخوة القائمة قبلها بين مصر وسورية.
آخر محطة:
ما يفعله العرب بالعرب، مرت علينا قبل ايام الذكرى 30 لجريمة خطف الإمام المظلوم موسى الصدر ورفاقه ابان زيارتهم الرسمية لليبيا، وقد صدر قبل مدة قصيرة كتاب «معارك كلامية» للدكتور الباحث مأمون فندي، وقد أتى في صفحة 160 ان شقيقة زوجة من حل محل الامام المخطوف وشريكته في محطته الفضائية (….) قد «جمعت ثروتها من خلال عقد مع القائد الليبي معمر القذافي استطاعت بموجبه أن تطبع مليون نسخة من الكتاب الاخضر» وأمجاد يا عرب أمجاد.