سامي النصف

تهريب الذهب وإشكال البورصة

لنبدأ من الازمة السياسية التي كادت تطغى اخبارها ومانشيتاتها على اخبار الازمة الاقتصادية لنقول ان الاوضاع العامة في امس الحاجة للتهدئة السياسية كي يتم تفرغ الجميع لعلاج الكارثة المالية التي يمر بها البلد ولن يستفيد احد من خلط الحابل السياسي بالنابل الاقتصادي، فالحكمة الحكمة، والتهدئة التهدئة.

وعودة للاوضاع الاقتصادية وحقيقة ان الازمة الحالية قد كشفت وفضحت بعض اوجه القصور المتجذرة في الذهنية الاقتصادية الكويتية المتوارثة والتي لا ترى خطأ او خطيئة في الالتفاف على الضوابط والتشريعات والقوانين التي يصدرها البنك المركزي وغيره مادام الهدف هو تحقيق الارباح، ولا شك في ان اشكال احد البنوك المحلية ومعه اغلب اشكالات الاقتصاد الحالية والسابقة، ولربما حتى المقبلة، تقع تماما تحت مظلة الايمان بمبدأ «ان الغاية تبرر الوسيلة» ونسيان ان تلك التشريعات ما وضعت الا لخدمة الصالح العام وحماية النفس من اطماعها ولمنع الانتكاسات المتكررة.

ولو اننا حاسبنا وعدلنا موروثاتنا الاقتصادية الخاطئة التي كانت تعتمد تاريخيا على «التهريب» للهند ودول الجوار، وهي وسائل غير مشروعة وذات مخاطرة عالية تهدف للربح السريع، لمنعنا كثيرا من الكوارث الاقتصادية اللاحقة المتصلة والمتواصلة منذ السبعينيات حتى اليوم، والتي قام الكثير منها على روح المقامرة والمغامرة أكثر منها على المعطيات الاقتصادية السليمة، ويخبرني صديق شديد الاختصاص بالشأن الاقتصادي المحلي بان بعض مديري المحافظ هم في الاصل مضاربون لا يتورعون عن القيام بأي شيء للوصول الى الارباح مما يؤدي بهم في النهاية الى المخالفات والسقطات والخسائر!

ومن غرائب السوق ان هناك خاسرين بالأصالة، اي من هم لاعبون دائمون بالسوق يقابلهم الخاسرون بالوكالة ونعني من لم يدخلوا السوق إلا في وقت متأخر استماعا لصيحات مضمونها ان الاسعار مغرية والأوقات مناسبة لتحقيق الأرباح والثروات كما كان يصرخ بعض «المحللين» الاقتصاديين في وسائل ووسائط الاعلام ممن حذرنا من نصائحهم في مقال سابق، وقد انتهى من استمع لأقوالهم الى أن اصبحوا من التابعين بخسران، ان الخــوف هذه الأيام هو من خروج الازمة من دهاليز البورصة إلى الشـــارع العـــام أو كما قيل في الغرب من الوول ستريت الى المين ستريت.

آخر محطة:
في منتصف الستينيات ارادت احدى الجهات السياسية الاضرار باقتصادي معروف يدعى يوسف بيدس الذي كان يرأس بنك انترا في لبنان فنشرت حول البنك الإشاعات مما جعل المودعين يقفون بالطوابير لسحب ودائعهم منه، مما تسبب حقا في إفلاسه، لقد ضمنت الحكومة الودائع في جميع البنوك اذن لا داعي للهلع او القلق او الوقوف في طوابير طويلة لسحب الاموال، وقد اخبرني في هذا السياق الصديق العزيز د.شملان العيسى، في لقاء ضمنا في ديوان الروضان الكرام بأنه لن يسحب ودائعه من بنك الخليج، وهو امر مطمئن جدا للبنك وزبائنه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *