فور وقوع أحداث سبتمبر 2001 استضافنا برنامج الاتجاه المعاكس للحديث حول ما حدث، وكان الضيف الآخر هو النائب جمال حشمت من مصر وقد أظهرنا آنذاك فداحة الجرم وألقينا باللائمة على الإرهابي ابن لادن وما ان وصلت الكويت حتى سمعت عتبا شديدا من إخوة وأحبة كانوا موالين آنذاك لذلك الإرهابي ومنهم دكاترة وأطباء كنت أعتقد ان ألاعيب ذلك المنحرف لا تنطلي عليهم.
ومع انتهاء حرب صيف 2006 التي دمرت لبنان استضافنا كذلك برنامج الاتجاه المعاكس، وكان الضيف الآخر هو د.أنيس نقاش وقد ألقيت باللائمة على القرار غير المدروس وغير المتشاور فيه من الحزب المعني مع الحكومة الشرعية في لبنان كي تأخذ استعداداتها وقد تلا ذلك رد فعل مضاد من إخوة وأحبة آخرين مشابهة لرد فعل الأولين، وقد أظهرت الحادثتان ان هناك من يرتضي بطيبة نفس نقد وطنه وحكومة بلاده «الكويتية» إلا أنه ينتفض ويغضب ويثور عند المساس بشخصيات خارج الحدود لا تشاركه المواطنة.
إن السكوت عن الولاءات البديلة سواء ما هو مختص منها بما هو «فوق الوطن» أي الولاء لدول وقيادات وأحزاب خارجية او ما هو «دون الوطن» أي تقديم ولاء العائلة والطائفة والقبيلة على الولاء للوطن، هو خطر داهم سواء بسواء، فقد دمر نصف بلدان الإقليم بسبب الولاء الأول كحال لبنان والعراق وفلسطين، كما دمر النصف الآخر بسبب الولاء الثاني، والصومال وكينيا ورواندا دلالة أخرى على ما يحدث عند تقديم المصالح الصغيرة على مصلحة الوطن.
إن السكوت عن خالد العبيسان وكاتب قميء آخر يستخدم المنتديات والفضائيات لإظهار التعاطف مع صدام ومثله السكوت عن «المحرضين» على قتل وسفك دماء جنود ومواطني حلفائنا الموجودين على أرضنا – برضانا – لحماية وطننا، كان الشرارة الأولى التي أدت الى ما يحدث هذه الأيام، والمفروض ان يتفهم الجميع أن الحل هو رفض تلك الممارسات سواء بسواء، لا السكوت عنها حتى تستفحل الظاهرة وتحترق الكويت قربانا لأجندات ورغبات الآخرين.
في الوقت ذاته علينا ان نكف عن منهاجية الحروب «المستدامة» التي لا تنتهي، وقد تفرض علينا مصلحة الوطن أن تطفأ الأنوار على قضية مجلس التأبين مادامت قد وصلت للقضاء حتى نفوّت الفرصة على الأعداء ممن قد يكونون قد قصدوا وأرادوا تماما هذا الانشقاق الذي نساعدهم على تحقيق مآربهم بالنفخ في رماده كل صباح.
وعلينا ان نتوقف عن التعسف في العداء للولايات المتحدة واسرائيل، فتحت تلك الرايات الزائفة تختفي الوطنية ويشجع الانحراف والولاءات البديلة، ولنضع – كويتيا – في كفة ما قامت به الولايات المتحدة من دعم للتنمية وتدريس أبنائنا وشراء نفطنا بأغلى الأسعار والحفاظ على استثماراتنا وتحريرنا وإسقاط صدام، ولنضع مقابلها ما قام به الجاران العراق العربي وإيران الإسلامية من قتل وغزو وإرهاب وخطف طائرات وتفجير سفارات.. إلخ، ثم لنضع بالمثل – كويتيا – ما قامت به اسرائيل منذ نشأتها رغم محاربتنا لها وما قامت به المنظمات الفلسطينية المختلفة من إرهاب وتفجير وقتل للكويتيين في المقاهي والسفارات ودعم للغزاة، ولنقرر مع أي من الكفتين يفرض ولاؤنا للكويت ووطنيتنا ان نحافظ على عدم إظهار العداء له والحرص على صداقته؟!
آخر محطة:
لم أسمع أجبن ممن ينصحني قبل أي لقاء إعلامي بالقول «لا تدافعوا عن أميركا»، إذا لم ندافع عمن حررنا ومنع ان نصبح مشروع شعب مشرد آخر، فعمّن ندافع إذن؟! شاهت الوجوه!