ذكر ضمن تقرير لجنة تقصي الحقائق عن اسباب الغزو ان الضغط السياسي المحلي هو من منع الحكومة آنذاك من عقد اتفاقيات تحالف ودفاع تضمن وجود قوات دولية واميركية على ارض الكويت لحمايتها من تداعيات الحرب القائمة على حدودها بين جارتيها ايران والعراق في الفترة الممتدة ما بين 80 و88.
وهو كلام صحيح، فلو احضرت الحكومة في حينها تلك القوات لما تم الغزو الا ان القوى الثورجية والكلامية وصاحبة الولاءات الخارجية كانت ستجعل من عدم قيام الغزو ذريعة لتثوير الشارع السياسي الكويتي سريع الانفعال على معطى ان الحكومة «العميلة» قد احضرت القوات الاجنبية لقمع الشعب وحماية النظام امام التهديدات «الوهمية» الخارجية، وكان الامر سينتهي قطعا باخراج تلك القوات الحليفة مع الدقيقة التالية لوقف الحرب الايرانية – العراقية بحجة عدم الحاجة وكي لا نصبح موطئ قدم لقوى الاستعمار والصهيونية اي الكليشيه الكاذب المعتاد.
بمعنى ان العلاقة المتوترة والمتشنجة بشكل دائم منذ عهد الاستقلال بل وحتى قبله بين الحكومة والمعارضة والتي تقوم على اربع سياسات ومعطيات مدمرة هي «الغاية تبرر الوسيلة» و«افتراض سوء النوايا الدائم» و«الارض المحروقة» و«عليّ وعلى اعدائي يارب» منعت السلطات من الاستعانة بالقوات الدولية قبل الغزو وكانت ستضمن مغادرتها مع انتهاء حرب الخليج الاولى.
تساؤل الناس المحق هذه الايام هو: هل تغيرت الخارطة الزرقاء لتلك المعادلة السيئة والسياسات المدمرة حتى نضمن هذه المرة اتخاذ القرار المناسب لمنع تكرار زلزال الغزو؟ شخصيا اعتقد ان اوضاعنا السياسية تراجعت كثيرا للخلف بل اصبحت اســوأ هــذه الايـــام مما كان عليه الوضع عام 90 فمازالت اللعبة السياسية المدمرة القائمة لا تمتاز بالحكمة والتعقل ولا تنظر على الاطلاق لمصالح البلاد العليا بل زادت حدة واصبحت كل الاسلحة مشرعة ومشروعة للاحتراب السياسي المحلي الذي لا ينتهي والذي يغض الطرف والنظر عما يجري حولنا من احداث جسام قادمة سريعا للمنطقة.
ما نوده هو تعلم الدروس من الماضي الاليم الذي تدعونا دماء شهدائنا الزكية المسفوكة ودموع اسرهم الساخنة المهدورة لاستخلاص العبر منها، حتى لا تصبح تلك التضحيات الغالية هباء منثورا مادمنا في غيّنا سائرين، اننا بحاجة الى عمليات تواصل دائمة بين الحكومة والقوى السياسية لايجاد السبل للارتقاء بالعمل السياسي لما هو شبيه بما هو قائم في الدول المتقدمة من تقديم مصالح الاوطان العليا على ما عداها حتى لا ننتهي بفوز القوى السياسية المختلفة و… وموت الوطن!
ان الاخطار المحيطة بنا قد زادت كثيرا نوعا وكمّا عما كان عليه الحال عام 90 وهناك حاجة ملحة لقواعد جديدة للعبة السياسية تفرض الحكمة والتشاور الدائم بين كل الاطراف وعدم استغلال الانشغال بالظروف المحيطة لحصد المكاسب الذاتية، ومثل ذلك ضرورة استبدال الولاءات البديلة بالولاء الاوحد للكويت الباقية ومن ثم قيادة الاتباع لذلك المبدأ السياسي الرشيد لا الاستماع للقلة المنحرفة والمتطرفة من كل توجه وجعلها تقود المسيرة السياسية للخراب بدلا من ادخالها لحظيرة المصلحة الوطنية وعمليتي البناء والانماء.
آخر محطة:
بعض ما يجري على الساحة المحلية من مواقف سينتهي بنا للدمار والخراب والضياع مرة اخرى، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.