لم اجد دولة اخرى في العالم ينشر بها النائب اسئلته في وسائل الاعلام قبل ان تطّلع عليها الاطراف المعنية والمختصة، وهو امر ان تم قبوله على مضض في القضايا العامة فانه غير مقبول على الاطلاق عندما تمس من خلاله سمعة الآخرين ممن يطعن بهم بالجهر ثم تأتي الاجابة المقنعة على الاسئلة البرلمانية بالسر.
خطابان مؤثران تم رفعهما من قبل جمعيتين هامتين هما جمعية المهندسين وجمعية المحاسبين الكويتيتين لرئيس مجلس الامة يختصان بتقارير وملاحظات ديوان المحاسبة، الذي لم اجد كذلك دولة اخرى في العالم تسرب لوسائل اعلامها وتنشر الملاحظات الاولية لديوان المحاسبة قبل ان يتم الرد عليها او حتى تسرب في احيان اخرى دون نشر الردود المصاحبة لها.
تقارير ديوان المحاسبة وضعت في الاصل لمساعدة القائمين على الوزارات المختلفة على تبيان اوجه القصور ومكافحة الفساد لا لخدمة عمليات التسييس وتصفية الحسابات بين الاطراف والفرق السياسية المختلفة، ما نرجوه ان تتم مراعاة الدقة القصوى حتى في التقارير الاولية نظرا لقطعية تسريبها هذه الايام للاعلام ومن ثم يتم الضرر وتنتفي الفائدة من اسقاط تلك الملاحظات في وقت لاحق بعد تبيان الحقائق من قبل الجهات المعنية.
لقد حذرنا في مقال سابق من خطورة تسييس او اساءة استخدام تلك التقارير التي يفترض بها ان تكون عين الشعب اليقظة على امواله العامة حالها كحال اساءة استخدام أداة رقابية اخرى هي «الاستجوابات» حتى ضج الناس بها وطالبوا بوقفها او ترشيدها، وقد اتت رسالتا المهندسين والمحاسبين الكويتيين لتظهرا الخوف الشديد من عمليات تبادل مصالح سياسية وشخصية تؤدي في النهاية لخروج الديوان وتقاريره عن الاهداف الخيرة المرجوة منها، والموضوع به كثير من الشؤون والشجون ولنا عودة مفصلة له.
آخر محطة:
أعتقد ان نشر كتاب ذكريات احد المخضرمين وبالطريقة التي تمت اساء له بأكثر من اساءته لخصومه، هذه الملاحظة تمتد كذلك لمن ينشر الردود عليه وضرورة عدم مبادلة الخطأ بخطأ او الصفعة بصفعة ومن ثم خسارة التعاطف وتحوله للطرف الآخر، يجب الحرص في كل الاحوال وجميع الاوقات ولمصلحة الكويت على ذكر الوقائع التاريخية المجردة والابتعاد عن الآراء والمشاعر الشخصية تجاه هذا الطرف او ذاك.