كنت أتابع احد برامج القناة السعودية الثانية الناطقة بالانجليزية وقد بدأ وانتهى البرنامج وبدأ لقاء مع دكتورة سعودية تدعى سلوى الهزاع، وقد قررت مشاهدة اللقاء لدقيقة او دقيقتين قبل التحول لقناة «الجزيرة» للاستماع لآخر تهديدات د.أيمن الظواهري، الا انني وجدت نفسي متسمرا امام اللقاء حتى انتهائه وشعرت في نهايته بالفخر الشديد لخليجيتي وعروبتي وإسلامي لوجود مثل تلك السيدة الفاضلة والإنسانة الرائعة مثلما شعرت بالخجل الشديد مما يقوم به الظواهري او دكاترة لندن المسلمون ممن خططوا للأعمال الإرهابية المعادية للإنسانية.
السيدة والدكتورة الهزاع ذات ذكاء خارق وكلام ينقط حكمة وتمكن يقارب الكمال من اللغة الانجليزية، اما مؤهلاتها فقل مثيلها في العالم، وتحتاج إلى عدة صفحات لذكرها، حيث انها مختصة بطب العيون والجراحة وعلم الجينات والوراثة وترأس قسم العيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي ولديها عيادة خاصة تعمل بها الى الساعة الـ 12 ليلا حتى لا ترد من أتوا لمراجعتها من مسافات بعيدة (نحمد الله ان المملكة لا يوجد بها قانون 8 مساء)، وتقول ان العيادة الخاصة بها هي اقرب للخدمة الإنسانية منها للمشروع التجاري، و تضيف انها لا تكتفي بتشخيص المرض وعلاجه بل تفتح دائما حوارا مطولا مع كل مريض وعائلته لمساعدتهم على تصحيح اي مفاهيم طبية خاطئة اخرى في حياتهم.
والدكتورة الهزاع طبيبة ومحاضرة في جامعة جون هوبكنز وجامعتي كمبريدج وادنبره، كما انها وبسبب تميزها الشديد على المستوى العالمي عضوة في مجالس ادارات اكبر المجلات الطبية المختصة في العالم من اليابان حتى اوروبا والولايات المتحدة، ولها مئات المحاضرات والأبحاث واللقاءات، كما انها حاصلة على جائزتي الجامعة العربية ومجلة «فوربيز» لأكثر النساء العربيات أبحاثا وإنتاجية وضمن قائمة «ماركيز» العالمية، كما حصدت جائزة امرأة العام لجامعة كمبريدج العريقة، وللدكتورة سلوى آراء ومواقف وطنية رائعة، حيث سخرت جزءا من اتصالاتها ومحاضراتها التي تلقيها في مشارق الأرض ومغاربها للدفاع عن الإسلام والمملكة امام الحملة الشرسة في مرحلة ما بعد سبتمبر 2001 التي وقف خلفها الظواهري، وقد اختيرت كسفيرة نوايا حسنة للسعودية.
وقد سألتها المذيعة عن اختيارها للإشراف على علاج الملك فهد، رحمه الله، فقالت: لا يهم ان كان المريض ملكا او انسانا بسيطا، حيث لا تجد ان من الصحيح اخلاقيا الحديث عن مرضاها، وقالت انها حازت عام 1987 جائزة الدولة ووجدت آنذاك ان النساء لا يكرمن بالعلن فتوجهت الى الملك – راعي الحفل – وطلبت ان تتسلم جائزتها بنفسها وهو ما تم وأصبح عرفا بعد ذلك، وان قامت، كما ذكرت، عند فوزها بالجوائز التي تلتها – وقد حازت العشرات منها دوليا وعربيا وخليجيا – بجعل والدها وزوجها يتسلمان البعض منها عرفانا بدورهما الكبير في حياتها.
ورغم انها محافظة في آرائها وتلبس الطرحة على رأسها ولها رأي محايد في قيادة المرأة للسيارة وهو ان لكل مجتمع خصوصيته، فهي في الحقيقة مكسب كبير ليس للسعودية فحسب بل للعرب والمسلمين كافة بعد ان اصبحت مرجعية علمية عالمية يشار لها بالبنان في كل مكان، الا ان بعض المنتديات المتشددة لا ترى فيها، كما قرأت، الا امرأة «متبرجة» تستحق الشتم واللطم والشكم والطلب منها ان تلزم بيتها للعمل كخادمة فيه، وفي هذا السياق وجدت اثناء بحثي على الإنترنت ان اغلب المرجعيات الطبية المنجزة في السعودية هي للنساء امثال د.الهام ابوالجدايل المخترعة وذات الابحاث المتقدمة في مجال استخلاص الخلايا الجذعية عن طريق الدم والمحاضرة في عدة جامعات دولية.
آخر محطة:
هل يمكن لنا كمسلمين ان نحوز تقدير العالم لو طبقنا روح ونص القوانين الكويتية الأخيرة التي تقوم فلسفتها على إبقاء النساء في البيت؟ لا نرجو فقط رد وتعديل القوانين الاخيرة بل اعادة النظر في الفلسفة التي تقف خلفها، ومن ذلك فلتبق بعض النسوة المسلمات في البيت ولا خطأ في ذلك متى رغبن فيه، ولتبق نساء مسلمات اخريات في المعامل والعيادات والمكاتب والجامعات، ولا خطأ في ذلك ايضا، فقد تصحح الطبيبات المسلمات بعملهن الرائع جزءا من الصورة المشوهة للإسلام التي قام بخلقها بعض الاطباء المسلمين من الظواهري شرقا حتى بعض اطباء لندن غربا.