عيد ناصر الشهري

«من شراك باعك»

يتداول رواد الديوانية أطراف الحديث حول الانتخابات. ويعبرون عن غضبهم من ظاهرة شراء الاصوات. ويقول احد رواد الديوانية من الرعيل الاول «يا ولدي من شراك باعك».
تاريخ بيع الحقوق في الكويت تطور على مراحل. وكان الكويتيون في الماضي يبيعون حقوق الاكتتاب في الاسهم. في السبعينيات، كانوا يبيعون شهادات الميلاد بقيمة تتراوح بين دينارين ونصف و٥ دنانير. وكلمة بيع شهادة الميلاد ليست بالضرورة تعني بيع الشهادة. لكن الذي يحصل هو بيع حقوق الاكتتاب. واستمرت عملية بيع حقوق الاكتتاب الى السنوات الاخيرة حيث باع المواطنون بطاقاتهم المدنية لتجار سوق الجت في اكتتابات الاتصالات الوطنية وفيفا وبنك بوبيان.
كانت تقوم عمليات البيع في مكاتب سوق الجت. حيث يقوم المواطنون بالتوقيع على كمبيالات او وصولات أمانة ويستلم المبلغ نقداً من تجار سوق الجت. ثم يقوم تجار السوق بتصفية الحسابات عند اول أسبوع تتداول فيه السهم. ويبيعون الاسهم بدورهم على الشركات القابضة او الشركات الاستثمارية. وبعض المواطنين يبيعون حقوقهم على اكثر من مكتب. وهو ما قد ينتج عنه مشاكل قانونية. وهناك بيع بين الأفراد على أساس الثقة. وتتم تسوية عمليات البيع عند ادراج السهم في البورصة ونقل ملكيته. ويعتبر الربح المتوقع لاحقاً سبب أساسي في انتشار بيع وشراء الحقوق. على سبيل المثال، اشترى تجار سوق الجت حقوق اسهم فيفا بأسعار تتراوح بين ربع ونصف دينار. وبعدها أُدرج السهم على نصف دينار. ثم ارتفع السهم ليصل الى دينار مؤخراً. لذلك، لو انتظر المواطنون ولم يبيعوا أسهمهم حتى اليوم، يكونون قد حققوا ايرادا يعادل ٢٧٠ دينارا للشخص. لكن نسبة كبيرة باعت اسهمها مقابل مبالغ بين ٧٠ و١٣٠ دينارا واستفاد التجار من الربح الاضافي. لذلك نستطيع الاستنتاج بان ربح التجار هو بين ١٠٠٪‏ الى ٢٠٠٪‏ على كل صفقة. وهي نسبة ربح مناسبة لجذب اكبر عدد من التجار لهذه العمليات المربحة.
وقام المواطنون ببيع بطاقات الدعوة لحضور الجمعية العمومية والتصويت في انتخابات بنك بوبيان. ونتج عنه سيطرة تحالف مجموعة من التجار وشركة استثمارية إسلامية على بنك بوبيان. ثم استحوذ البنك الوطني على البنك لاحقاً وأنقذه.
وقامت الدولة مؤخراً باتخاذ إجراءات للحد من عمليات بيع الاسهم. لذلك كان الاكتتاب في بنك وربة يتم بشكل آلي ولا يدفع المواطنون اي مبلغ. ولكن بنك وربة لم يرتفع عند ادراجه، بل انخفض الى ان وصل ١٧٠ فلسا. وأصبح العائد المحصل من اكتتاب بنك وربة يعادل ١٢٠ دينارا في حال الاحتفاظ بالسهم الى اليوم او ٢٨٠ دينارا في حال بيعه عند اول يوم تداول. وقد يكون السبب الاكبر في عدم بيع وشراء اسهم بنك وربة سوء الوضع الاقتصادي بشكل عام وعدم توافر نسبة ربح مناسبة لجذب تجار سوق الجت.

الانتخابات
وفي الفترة الاخيرة بدأنا نسمع بعمليات بيع وشراء الأصوات في الانتخابات. وتتراوح المبالغ المتداولة حالياً بين ٥٠٠ و١٥٠٠ دينار. وقد يكون الفرق الكبير هو في نسبة العمولة للوسيط. حيث يبيع المواطن صوته بقيمة ١٠٠٠ دينار ويقبض الوسيط مبلغ ٥٠٠ دينار. والوسيط يعتبر الضامن الاساسي في عملية التصويت لاحقاً. لأن لديه علاقات واسعة ومعرفة عميقة بالناخبين. وقد لا يدفع المرشح لأي ناخب مباشرة بسبب الخوف من الشرطة او المباحث او الفضيحة. وقام بعض المرشحين بالفترة الاخيرة بوضع علامة مميزة على الجنسية حتى يضمن عدم تكرار بيع الجنسية. ويتم دفع جزء من المبلغ قبل التصويت والباقي بعد التصويت. وقد يتم حجز الجنسية حتى يوم الانتخاب. ويتراوح العدد المطلوب للنجاح بين ألفين و٣ آلاف شخص حسب الدائرة. لذلك تتراوح المبالغ المطلوبة للنجاح بين مليون و٣ ملايين دينار كويتي. وعملية شراء الاصوات هي عملية تجارية. ويتوقع النائب تحصيل ربح مقابل المبلغ الذي دفعه لشراء الاصوات. ونستطيع تقدير الربح الذي يجنيه النائب الذي يشتري الاصوات. ويقدر الربح بين مليونين الى 6 ملايين دينار كويتي خلال فترة العضوية في المجلس. وقد يكون ايراد النائب هو ما يجنيه عن طريق بيع صوته للتصويت على بعض مشاريع القوانين في المجلس. لأن الناخب يستلم الف دينار ويبيعه النائب بمليون. والذي يدفع هو الطرف الاكبر الذي يستفيد الملايين من القانون المقترح. وقد يستلم النائب مبالغ اقل مقابل الاسئلة البرلمانية او الاستجوابات او مقابل توصية تعيين أشخاص في مناصب معينة. ولا تنفع قوانين منع شراء الاصوات او جهود وزارة الداخلية من الحد من شراء الاصوات. ولن تنفع القوانين في الحد من شراء الاصوات داخل المجلس. والحل الأمثل هو ان يقوم بعض المشرعين المعارضين او المهتمين او مراكز الابحاث بشرح الأثر المادي من القانون ومن يستفيد منه وكم المبلغ الذي سيجنيه الطرف الرابح. وهنا يكون لدى المواطنين المعلومة الكاملة لاتخاذ قرار وعدم التصويت لهذه الفئة من النواب.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *