فضيلة الجفال

سيكولوجية ترمب تتعدى الداخل الأمريكي

بدا ترمب طوال أشهر الانتخابات كطوفان لا يمكن إيقافه في عملية انتخابات تعد الأشرس في تاريخ السياسة الأمريكية.

كثير من المقترعين الأمريكيين صوت ضد ترمب بسبب ما قاله خلال الحملة. كذلك تخوف العالم منه بسبب ما قاله أيضا لا ما سيفعله بعد. لكن ما تفرضه ظروف الانتخابات ليس بالضرورة واقعا، ولا سيما أنها تتطلب استخدام كل ما يمكن من الوسائل لكسب مزيد من الأصوات، ويبقى منصب الرئيس له التزاماته في دولة مؤسسات كأمريكا.

لن نستعجل التوقعات، لكن دراسة سيكولوجية ترمب تعطي انطباعا بأن لديه شخصية رجل الأعمال صاحب الخبرة في السوق. وعوضا عن الشعبوية ومعرفة اهتمامات شرائح معينة من الجماهير، فلديه سلوك المناورة والتفاوض ومن ثم السيطرة “السيكولوجية” على الموقف. ترمب هو أول رئيس أمريكي من خارج المنظومة والنخبة السياسية. ومع وصوله إلى البيت الأبيض ستكون لديه الفرصة سانحة الآن للوصول إلى الملفات السياسية الداخلية والعالمية الشائكة لممارسة العمل كرئيس منتخب. ويبقى في النهاية أن الرئيس، جمهوريا كان أم ديمقراطيا، ملتزم أمام مؤسسة الحكم في الولايات المتحدة وهي التي ترسم ما يجب أن تكون عليه سياسته وفقا لأطر ثابتة.

بين الخط السياسي والخط السيكولوجي، بين كلينتون وترمب، جاء فوز ترمب مفاجئا لكثيرين لسببين: أولا لنجاح الخط الشعبوي والجماهيري الذي سلكه رغم كل الهفوات في مواجهة خط النخبة وحداثة عهده بالسياسة؛ هو الشهير في عالم المال والأعمال والعقار. ثانيا لفشل تنبؤات الإحصائيين واستطلاعات الرأي العام، هو الذي غير وجه الدعاية الانتخابية الأمريكية للأبد. طوال الحملة الانتخابية، كان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، دائما خلف منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بعدة نقاط بحسب استطلاعات الرأي سواء التي ينشر الإعلام الأمريكي – ولا سيما الليبرالي الصريح في دعم هيلاري ومهاجمة ترمب – نتائجها باستمرار، أو تلك التي يجريها بالتعاون مع شركات ذات خبرة كما فعلت “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”، وجميعهم أكدوا استحالة فوز ترمب. كذلك استطلاعات مواقع المحطات التليفزيونية مثل CNN وABC التي رجحت فوز كلينتون. وليست فقط استطلاعات مراكز الرأي العام ذات السمعة بل جامعات معروفة.

كان الوضع طوال العام عبارة عن نوستالجيا جمعية، لدرجة حرضت على دراسة التوجه الأمريكي الجديد. وهو توجه أجريت حوله الاستطلاعات التي رأت ارتباطه بالخوف من الإرهاب والرعب من الآخر، وهو أحد أسباب التأييد الشعبي لترمب. لذا فكلاسيكية شخصية الرئيس الأمريكي لم تعد كذلك، نحن أمام فكرة زعيم مطروحة. لقد نجح ترمب في كسب شعبية الداخل لأنه خاطب سيكولوجية الناخب الأمريكي. وهذه السيكولوجية تهمنا دراستها أيضا لأن الكاريزما الجديدة غيرت ما دأبت هوليوود طوال تاريخ 44 رئيسا على ترسيخها. التغيير الآن هو كلمة السر في الداخل كما الخارج الأمريكي وهو الإعلان الرئيس للمرحلة. ونحن معنيون وهذا ما علينا استيعابه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

فضيلة الجفال

كاتبة وإعلامية سعودية
[email protected]
twitter: @fadilaaljaffal

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *