محمد الوشيحي

الربيع العربي الملعون

يشتمون ثورة الشعب الليبي، ويشعلون الفتائل بين الفرقاء الليبيين، ويمدون هذا بالسلاح وذاك بالسلاح المضاد، ثم ينهرونك وأصابعهم تشير إلى ما يحدث في ليبيا: “انظر انظر، هل يعجبك الوضع اليوم؟ هل استمتعت الآن بعدما رأيت كل هذه الدماء؟”.
وقبل أن تجيب، يضعون خريطة سورية أمامك، وصور الشهداء والمدن المدمرة والصرخات المفجوعة، ويكررون السؤال بصيغة أخرى: “هل تريد أكثر من هذا؟ هل اكتفيت من المتعة أم ترغب بالمزيد؟”.
يوجهون أسئلتهم الداكنة هذه إليك وإلى كل من صفق للربيع العربي وهلل واستبشر. ويسمون الربيع العربي “الشيطان العربي”، على اعتبار أن العرب قبله كانوا يعيشون في عصر “الملاك العربي”، وأن خيمة القذافي كانت منارة العدل والسكينة والأمن، وأن أقبية بشار وسجونه ومخابراته كانت مراكز بحوث وحدائق عامة، مع أن ما يحدث فيها مجرد تقطيع بسيط لأيدي المعارضين وأرجلهم، وشوية فقء عيون، على شوية مداعبات خفيفة للأعضاء الحساسة بالحديد الحامي والأسياخ، على نتف شعر، وقلع أظافر، على بعض السخافات المشابهة، يعقبها موت المعارض جراء التعذيب، قبل أن يتم تعذيب أمه وأبيه وصاحبته وبنيه والمنطقة التي تؤويه، لا أكثر. فلماذا التهويل والعويل؟
فعلاً لماذا؟ خصوصاً إن تذكرنا أن من تمتلئ بهم الأقبية والسجون ليسوا بالضرورة معارضين للنظام، الذي لا يخطئ، بل قد تكون أغلبية هؤلاء من الذين لا يستسيغهم جلاوزة النظام. وفي هذا قصص كثيرة.
معهم حق أعداء الربيع العربي وكارهوه… الموت في السراديب أقل كلفة على الدولة من الموت بالقنابل، والقتل باليد السورية، مثلاً، أكثر وطنية من القتل بالطائرة الروسية، فلماذا ترفض الموت تحت أيدينا وتضطرنا للاستعانة بالغرباء لقتلك، يا خائن يا ابن الخائن، عد إلى وعيك وردد معنا: ملعون أبو الربيع العربي.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *