عيد ناصر الشهري

الاحتكار وإهمال الإبداع مؤشران لفشل الدولة

من خلال هذه السطور، أوجه حديثي إلى وزير التجارة والصناعة الدكتور يوسف العلي.
يقول جيمس روبنسون مؤلف كتاب «لماذا تفشل الدول؟» ان الدول الناجحة تحمي الإبداع والمبادرين، بينما تحمي الدولة الفاشلة الاحتكار. ويضيف: ان الدول الفاشلة مثل كوريا الشمالية والمكسيك تقدم حوافز لقيام مؤسسات احتكارية ولا يوجد هناك أنظمة حقيقية لتشجيع المنافسة والابداع. وهذه الشركات المحتكرة مثل شركة America Movil تقوم برفع الأسعار وتكلف المواطنين والدولة الكثير من الأموال من دون تقديم اي فائدة ابداعية. ولا تستطيع الدول الفاشلة ان تكسر احتكار هذه الشركات والسبب يكون غالباً ان موازين القوى السياسية أيضاً محتكرة من نفس المجموعات المحتكرة للتجارة. واذا نظرنا لأشهر الشركات الاحتكارية في التاريخ، نجد شركة standard oil التي تم تفكيكها من قبل الحكومة الاميركية بسبب احتكارها لصناعة النفط. إن مؤشر نجاح اي دولة في المستقبل يكمن في قدرتها على كسر الاحتكار وتشجيع المنافسة والابداع.
• ما هو الاحتكار؟
الاحتكار هو استحواذ مؤسسة واحدة او اتفاق عدد من المؤسسات على تقديم منتج محدد او الاتفاق على سعر محدد ومنع المنافسين الجدد من الدخول للسوق. والاحتكار جزء من التاريخ الكويتي. وقد قام العديد من الشركات باحتكار توفير خدمات محددة بموجب امتيازات من الحكومة الكويتية. منها على سبيل المثال شركة نفط الكويت التي لا تزال الشركة الوحيدة التي تقوم بالتنقيب عن النفط داخل الكويت وهي شركة مملوكة للدولة. وكان هناك احتكار شركة النقل العام الشهير ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، قبل أن يتم كسر احتكار هذه الشركات الحكومية عبر الترخيص لشركات خاصة وطرح اسهمها للاكتتاب العام. وهناك امتياز شركة السينما الوطنية الذي امتد على مدى نصف قرن وانتهى في سنة 2004.
• هل لدينا قطاعات محتكرة في الكويت الحديثة؟
في تاريخ 16 نوفمبر 2015 نشرت القبس مقابلة مع شانتايانان ديفاراجان، رئيس الخبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في البنك الدولي. وذكر ديفاراجان ملاحظتين مهمتين. الملاحظة الاولى هي «أن أغلب الصناعات أو القطاعات في الكويت تتسم بطابع الاحتكار». والملاحظة الثانية هي عن غياب المنافسة الحقيقية بين البنوك مما يجعل الشركات المتوسطة والصغيرة تواجه مشكلة في إيجاد التمويل المناسب حتى اليوم. وهذا يعتبر من اهم العوائق التي تواجه اي دولة في العالم.
• ما الحل لمعالجة الاحتكارات في القطاعات التجارية؟
أقرت الكويت قانون حماية المنافسة سنة 2007 وتم إنشاء مؤسسة باسم جهاز حماية المنافسة. الا ان إنجازات هذا الجهاز غير واضحة الى اليوم. ولا يوجد خطة عمل واضحة. لذلك على الحكومة وضع مهمة كسر الاحتكار وتشجيع المنافسة على رأس الاولويات خلال المرحلة القادمة. وهذه المهمة لا تنتهي بانتهاء دور الانعقاد. بل انها قد تكون المهمة الرئيسية لضمان البقاء. يجب وضع أهداف محددة لهذا الجهاز الجديد وتتبع خطى الدول الناجحة في مجال تشجيع المنافسة. كما يجب البدء في القطاعات التي حددها ديفاراجان وهما البنوك والصناعات. ومن الواضح ان علاج احتكار الصناعات يبدأ بزيادة الاراضي الصناعية التي يحتكرها عدد من المجاميع الصناعية المحلية. ومن البديهي أيضاً تشجيع المنافسة بين البنوك عن طريق السماح للبنوك الاجنبية بافتتاح اكثر من فرع أو على سبيل المثال. وكلا الهدفين يعتبران اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة على كسر الاحتكارات القوية.
• كيف نشجع الإبداع والمبادرة؟
قامت الدولة بتأسيس الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة. وتم رصد ملياري دينار وعمل الأنظمة التنفيذية للبدء في العمل. ولا يجب ان يقتصر الصندوق على توفير اموال وخدمات للمبادرين. لكن من المناسب ان يقوم الجهاز بتشجيع الإبداع. الا ان الملاحظة الرئيسية هي عدم وجود جهاز يحمي الحقوق الفكرية للمبادرين الذين لا يتم قبول طلباتهم للتمويل. لذلك يجب وضع طريقة واضحة وتسجيل أفكار المبدعين واعطائهم الحق في حماية فكرتهم. ويجب أيضاً وضع طريقة قانونية لتعويضهم في حال تم تقليد افكارهم او نسخها. ونقترح نقل ادارة الملكية الفكرية من وزارة التجارة الى الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة وهو المكان المناسب لتشجيع وحماية الملكيات الفكرية.

رسالة الدولة
يجب ان تكون هناك رسالة واضحة للدولة تساعد على بقائها واستمرارها. ورسالة الكويت منذ القدم هي توفير فرص الكسب المشروع والحياة الكريمة لكل من يعيش على هذه الارض. وهذه الرسالة تشمل كسر الاحتكار وتشجيع المنافسة وحماية الإبداع.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *