دانة الرشيد

مع سبق الإعسار

استمعت لاستشارة زوج أراد إثبات إعساره بمواجهة مطالبات طليقته ونفقاتها بعد زواج دام عامين أثمر عن طفلة.. زوجته كانت ابنة عمه التي دفع لقاء الزواج بها مهرا أكبر من المعتاد وتكلفة حفل زفاف مرتفعة، ولكن الأيام كشفت اختلافا في شخصيتيهما وأطباعهما حييث لا تنفك طلبات زوجته وتزداد، حتى بات يشعر أنه عبارة عن جهاز سحب آلي ناطق متحرك !

ولاحظ هذا الزوج أن تلك المرأة صعبة المراس تلين فقط عند حاجتها للمال، ما جعل استمرار حياتهما الزوجية أمر صعب، وقد ثارت ثائرته عندما علم أن تفاصيل علاقته بها تعلمها عائلته وأنه أصبح محور حديث شاي ما بعد الظهيرة لنساء عائلته الكريمة.

وبعد أن قرر الزوج الطلاق، قام بسؤال أصدقائه وزملائه عملا بمبدأ ما خاب من استشار، فانصدم بواقع كان يسمع به ويظن أنه محض مبالغة، حيث اكتشف أن وظيفة أحلامه في إحدى شركات النفط وراتبه المرتفع سيسلب منه في حال طلق زوجته التي تملك المطالبة بنفقتي عدة ومتعة إلى جانب نفقة طفلته وأجرتها كحاضنة وما يلي ذلك من طلبات معتادة في صحف دعاوى النفقات من الخادمة والمسكن وتأثيثه، فجن جنونه وأقسم أن يربح هذه المعركة مهما كان الثمن.

وحتى لا تتمكن الزوجة من مطالبته بالنفقات، خطط الزوج لإثبات إعساره رغم أنه ابن عائلة مقتدرة، فقام باتخاذ إجراءات جذرية لهذا الغرض، حيث انتقل أولا من عمله إلى عمل آخر يتقاضى مقابله نصف الراتب كونه غير جامعي ونال وظيفته السابقة بفضل معارف والده، كما قرر فجأة أن يكمل تعليمه والتحق بإحدى الجامعات الخاصة خارج الكويت حتى تتوفر لديه إيصالات بالتزامات فصلية مع هذه الجامعة، كما اصطحب زوجته وابنته مع حقيبه ملابسها لمنزل ذوييها وتركها معلقة حتى تبادر هي بإنهاء العلاقة وهو ما قامت به فعلا بإشهاد المخالعة.

ربما كانت خطته محكمة فعلا لكنه نسي أمرا مهما للغاية وهو أن هذه الطفلة لا ذنب لها وكانت ضحية لهذه الحرب رغم أنه من أدنى حقوقها الاستمتاع بوجود ابيها في حياتها وأن يتكفل بمصاريفها، وربما أن سوء تعامل زوجته يبيح له طلاقها، لكنه نسي أن نفقات الزوجة والأبناء هي تشريع إسلامي قبل أن تكون قوانين وضعية.

وقانونا، فقد بين المشرع في المذكرة التفسيرية لقانون الأحوال الشخصية رقم ٥١ لسنة ١٩٨٤ أن سبب النفقة على الزوجة هو عقد الزواج الذي جعلها مقصورة عليه فهي احتبست لحق الزوج شريطة أن تكون مستعدة لطاعته أي ليست ناشزا، كما أن دعاوى النفقات ليست نهائية بمعنى أنه بالإمكان رفعها مجددا وفقا لتغير أحوال الزوج.

وأنا هنا لا أخلي الطرف الآخر من المسؤولية، فالزوجة لم تقدر حسن تعامل زوجها معها وحاولت استغلاله وفضحت أسرار بيتها، وبسلوكها المنفر دفعته لفعل ما فعل حتى لا يقع ضحية أنانيتها وسذاجتها، وفي الختام يبقى حسن التعامل والاحترام أساس استمرار وازدهار أي علاقة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *