احمد الصراف

«عورت»!

ينقسم الجنس البشري إلى ذكور وإناث، مع نسبة ضئيلة جدا، «بين بين». ومن أسماء الأنثى في اللغة العربية المرأة، وفي الإنكليزية woman وفي الفرنسية La famme، أما في غالبية لغات الدول الإسلامية غير العربية، من هندية واوردو وربما الملاوية والاندونيسية، فإنها تسمى بــ«عورت»، المشتقة من العورة، والعورة هي أجزاء الجسم المرتبطة التي تحرص مختلف الثقافات غالبا على سترها! وبالتالي يمكن القول ان الثقافة، أو ربما المفهوم الإسلامي أعطى المرأة وصفا من خلال اسمها، وفرض بطريقة غير مباشرة التعامل معها على هذا الأساس، كعضو يتطلب الأمر تغطيته، جزئيا أو كليا.
ولم يتوقف الأمر بطبيعة الحال على التسمية، بل توسع ليشمل حتى طريقة التعامل معها، لكونها «عورة» يمنع خروجها من البيت أو لمس الآخرين لها، او حتى حديثهم معها، وهذا فرض طوقا حولها، وحولها الى كائن جالب للعار، ولا يمنع الحال إلا منع رؤية الآخرين لها أو التعرف على صوتها، أو حتى اسمها!
وبسبب هوان حالها، نتيجة تلك التسمية، فقد اتفق معظم من نطلق عليهم «العلماء»، بسبب ندرة العلماء الحقيقيين بيننا، شيعة كانوا أم سنة، على جواز ضرب المرأة. والبعض يقول إنه «واجب»! والاختلاف بين هؤلاء «العلماء» يكمن فقط في طريقة الضرب والأداة المستخدمة ومواصفاتها، وفي درجة الإيذاء! فمثلا يقول رجل الدين السعودي، محمد العريفي إن الرجل «يؤدب» زوجته بالضرب، وهي تؤدبه بالبكاء! وقال إننا عندما نضرب دابة، فالمقصود ان نؤلمها لكي تطيعنا في ما نريده منها، والدابة لا تفهم بغير الضرب، فهي لا تفهم الكلام، وكذلك المرأة.
ويجيز السلفي محمد حسان، الذي كاد يصبح رئيساً لجمهورية مصر، ضرب المرأة. كما يجيز العالم الشيعي سيد صباح شبر ضرب المرأة، ولكن فقط بعد محاولة عظتها وهجرها في الفراش. أما السلفي أبو إسحاق الحويني فيقول: لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيت زوجها بغير إذنه، ولا تُدْخل أحداً بيته إلا بإذنه، والمرأة إن لم تخدم زوجها فهي آثمة، مستحقة للعقاب، وأن تضرب ولكن ليس على وجهها.
ويؤكد محمد سابق، وهو وزير أوقاف مصري سابق، أن من حق الزوج ضرب زوجته، كإجراء تأديبي. ولكن يجب ألا يكون الضرب مبرحاً، أي شديداً، وألا يضربها على وجهها، وأن يكون قصده إصلاح الزوجة.
وإلى أن تتغير هذه النظرة للمرأة الأم والأخت والزوجة، فستبقى هذه الأمة المسكينة، وكل أوضاعنا، على شديد هوانها وتخلُّفها!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *