عيد ناصر الشهري

تفكيك المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.. لإصلاحها

تعتبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من اهم المؤسسات في الكويت. وتقدم العديد من الخدمات للشعب. ويدفع الموظفون والشركات والحكومة الاشتراكات الشهرية، في المقابل تستثمر المؤسسة جزءا من هذه الأموال وتدفع الباقي للمتقاعدين. ونظام التأمينات هو نظام تقاعد اجباري كما ان المواطنين والشركات والحكومة ملزمون بدفع الاشتراكات.
كل ما يتعلق بـ «التأمينات» منطقي وبديهي الا عدم الشفافية. لا تقوم «التأمينات» بنشر اي تقرير عن حجم استثماراتها او طرق الادارة او رواتب مديري الاستثمار او العمولات المتفق عليها. وهناك الكثير من الاسئلة مثل حجم الربح الصافي وقيمة الاشتراكات المدفوعة وعدد المتقاعدين. وكلها تعتبر أسئلة بديهية يتم حالياً عدم البوح بها الا لاعضاء مجلس الأمة، رغم أن الحق في معرفة الإجابة يرجع للمؤمن عليهم بالأساس، الذين يقدر عددهم بنصف مليون مواطن. لكن مركزية «التأمينات» واحتكارها لموضوع تأمين تقاعد المواطنين يجعل اي محاولة لتغييرها صعبة جداً.

لا يستطيع المواطن او الحكومة او اي شخص في الكويت اجبار «التأمينات» على تغيير طريقة عملها.
تم تداول أسئلة واتهامات خلال الفترة الأخيرة حول اختلاسات الادارة العامة في مؤسسة التأمينات. وغير معروف حتى اليوم حجم المبالغ المختلسة او الاستثمارات الخاسرة. ومن الوارد جداً حدوث اختلاسات او سوء ادارة في «التأمينات»، بسبب عدم وجود سلطة عليا على «التأمينات» ولا قدرة للمواطنين على مراقبة عملها. وعدم توفير الاجابات او المعلومات، يجعل المواطن لا يرغب في دفع الاشتراكات، لكنه لا يستطيع عمل شيء غير انه يدفع وهو ساكت. والفئة الوحيدة التي تستطيع تغيير قيمة الاشتراك هم بعض المشتركين الذين يحق لهم تغيير قيمة القسط حسب رغبتهم مثل اصحاب الاعمال المسجلين على الباب الخامس. لكن المطلوب ادراك انه حتى لو كانت الاشتراكات إلزامية، يحق للمواطن الاطمئنان على مستقبله بعد التقاعد. ويجب ان يكون مديرو التأمينات على قدر عال من الكفاءة ومشهود لهم بالنزاهة. لكن الأهم هو انهم يجب ان يخضعوا لنظام نزيه يقوم على التنافس الشريف لمصلحة المواطنين.
المطلوب هو تغيير جذري في نظام عمل «التأمينات»، بداية بتعيين أعضاء مجلس الادارة، يمثلون المواطنين والشركات وليس فقط الحكومة. ويجب نشر تقرير سنوي بقيمة الاستثمارات ونظام توزيعها الجغرافي والنوعي. ويجب أيضاً شرح نظام المكافآت والعمولات للمواطنين حتى يستطيعوا الحكم على جودة العمل في هذه المؤسسة. لكن افضل حل لمؤسسة التأمينات هو تفكيكها لتكون مؤسستين او اكثر. وهنا يتم تشجيع التنافس بين هذه المؤسسات لتوفير خدمات افضل وشفافية اكثر ونظام تقاعدي يتناسب مع طموح المواطنين. ويكون تقسيم مؤسسات التأمينات حسب المهن مثل مؤسسة تأمينات المدرسين ومؤسسة تأمينات العسكرين ومؤسسات تأمينات الشركات الخاصة وغيرها. وآخر تغيير مهم هو الانتقال من النظام الجامد، الذي يعتمد على تحديد الراتب التقاعدي، الى نظام مرن يعتمد على تحديد الاشتراك. هذه إصلاحات مناسبة في الوقت الحالي ومطلوبة لتجنب اخطاء تضر المال العام وجميع المواطنين المؤمن عليهم في المستقبل.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *