عيد ناصر الشهري

هيئة أسواق المال أم هيئة سوق الجت؟

أساس وجود اي سوق للأسهم في العالم هو توفير سيولة مستمرة للمساهمين. واذا كانت السيولة غير متوافرة في سوق الاسهم، يصبح من غير المناسب تسميته «سوقا» لانه لا يستطيع المساهمون فيه البيع والشراء. والهدف من توفير السيولة هو تسهيل الوصول الى السعر الحقيقي للسهم في اي لحظة خلال أوقات التداول الرسمي. وتوفير سيولة مستمرة يفيد البائع عند رغبته الخروج بسرعة ولو بخسارة، ويفيد أيضاً المشتري الذي يرغب في الربح. لذلك يستطيع المضاربون والمستثمرون تحقيق أهدافهم المختلفة. خلال لقائي احد موظفي صندوق تحوط Hedge Fund اجنبي في الولايات المتحدة، تمت مناقشة الاسواق الخليجية. وقال ذلك الموظف ان سوق الاسهم الكويتي يحتوي على اسهم ذات اسعار رخيصة، وتتمتع دولة الكويت بنظام قانوني جيد، مقارنة بالدول المجاورة. وتعتبر الكويت من الدول المستقرة نسبياً في منطقة توترات وصراعات. الا انهم يقومون في الاستثمار في سوق الاسهم السعودية، وذلك لانه افضل من ناحية السيولة. وحجم التداول في السوق السعودي يعتبر من اهم عناصر الجذب لأي مستثمر اجنبي. لذلك يجب على القائمين على هيئة سوق المال والبورصة العمل على وضع خطة تزيد نسبة السيولة في السوق المحلي لجذب المستثمر الاجنبي.
ويجب ان نشيد في التطورات الاخيرة الحاصلة في البورصة الكويتية وعزل الهيئة التنفيذية عن الرقابية. وتطبيق نظام عقوبات صارم. ومن الأمور المهمة توفير البيانات المالية لجميع الشركات في موقع البورصة بعد ان كانت بعض الشركات تعتبر التقارير المالية الدورية من اسرار المهنة. ومن المهم للقائمين على سوق المال تقدير حالة التنافس بين البورصات الإقليمية على رؤوس الأموال. ويجب التفكير في البورصة الكويتية على انها في وضع منافسة للبورصات الأكبر مثل دبي والسعودية. والمستثمر الاجنبي سوف يتجه للاسواق الأعمق حتى يستطيع الدخول والخروج بسرعة وبسهولة. والخطوات اللازمة لتوفير السيولة ترتكز على أربع نقاط.
النقطة الأولي هي وجود صانع سوق.
والنقطة الثانية تنوع الأوراق والمشتقات المالية.
والنقطة الثالثة هي القدرة على اقتراض السهم وبيعه.
والنقطة الرابعة هي وحدات التداول والحدود السعرية.
النقطة الاولى تركز على حل مشكلة عدم توافر عروض البيع والشراء. ويجب هنا الترخيص لمؤسسات وسيطة تقوم بضمان البيع والشراء مقابل نسبة ربح من السعر. وتسمى هذه المؤسسات المتخصصة بصانع السوق. وتكون هذه المؤسسات بمنزلة الشاري والبائع المستمر لكل الاسهم. ويجب الترخيص لعدد من المؤسسات المتخصصة لتشجيع التنافس بينها وعليها الاحتفاظ بمبلغ سيولة كافية لتوفير سوق متحرك ونشط. وقد تم اعتماد هذه المؤسسات في قانون هيئة سوق المال وباقي فقط تنفيذها بشكل مناسب.
النقطة الثانية هي توفير أوراق مالية مختلفة تناسب الحاجات الاستثمارية والمدد الزمنية المختلفة مثل الصكوك او السندات. هناك الكثير من الأموال التي تسعى للاستثمار لمدد محدودة لا تتعدى 5 سنوات. وتحتاج عائدا مناسبا حوالي %4-6 سنويا. وتقبع تلك الأموال في البنوك او العقار وتتقاضى عائد بين %2 و%6 حالياً. ويجب أيضاً توفير أوراق مالية اخرى من المشتقات المالية مثل خيارات الشراء وخيارات البيع.
وتقودنا خيارات البيع الى النقطة الثالثة، وهي نظام اقراض الاسهم. وهو نظام مهم يساعد في اتخاذ وجهة نظر معاكسة والمراهنة على انخفاض اسعار الاسهم. وقد يكون هناك عدم رغبة في هذا النظام بسبب الخوف من الخسارة. لكن وجهة النظر المغايرة تساعد في وجود طرف مقابل لكل عمليات الشراء. وتساعد عملية اقراض الاسهم في تغطية حاجات صانع السوق. وتساعد عملية بيع الاسهم المقترضة من تقليل الخسارة المُحتملة في حالة نزول السوق. ومن الصعب وجود صانع سوق بدون القدرة على اقتراض الاسهم وبيعها وبالذات في حالات نزول الاسهم بشكل كبير.
والنقطة الرابعة والاخيرة هي تغيير نظام الوحدات السعرية القصوى لانها تحد من توافر السيولة. على سبيل المثال، لو كان هناك خبر يؤدي الى ارتفاع السهم %50 في يوم واحد، يضطر المستثمرون الى الانتظار أربعة ايام وشراء السهم بشكل تدريجي. الا انه في حال السماح للسهم بالارتفاع بشكل غير محدود، فانه يتم دخول مبالغ اكبر في يوم واحد وزيادة السيولة في اليوم نفسه بشكل كبير.
ويجب معرفة ان توفير السيولة هي ميزة تنافسية تجذب رؤوس الأموال للسوق الأعمق. واذا فشل القائمون على البورصة او هيئة سوق المال في هذه المهمة، سوف يفشل الاقتصاد الكويتي بشكل اكبر وتقل قدرة الشركات على جذب رؤوس الأموال والتوسع وتفشل في توفير فرص عمل للمواطنين. لذلك يجب وضع هدف محدد مثل زيادة السيولة بمعدل الضعف خلال سنة، واذا لم يتم تحقيق هذا الهدف يجب تغيير الادارة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *