منى العياف

حكومة «إنقاذ» هي الحل!!

– خلاصة ما ينبئنا عنه المشهد السياسي الحالي، على ضوء ما يجري في العالم من احداث، في القلب منها انخفاض اسعار النفط، وعلى الجانبين تفشي الارهاب.. وفشل الاجراءات والتدابير الحكومية والسياسات والافكار الحالية في انتشالنا مما نحن فيه.. خلاصة هذا كله هي فشل الحكومة الحالية في تحقيق اي انجاز في زمن «الوفرة المالية»، واحتساب اسعار النفط في الميزانية على اساس (75 دولاراً).
– وبعد ان حدثت «الطامة» وانخفضت الاسعار، فان الحكومة التي فشلت في تحقيق انجاز في هذا الزمن، لن تستطيع يقينا ان تحقق شيئا مع الزمن بسبب التدهور في اسعار النفط، خلاصة هذا كله هي جملة واحدة.. نحن بحاجة الآن وبدون تردد الى حكومة انقاذ تنتشلنا من هذه «الاخفاقات» المستمرة التي «سودت» حياتنا!! وجعلتنا نتخبط يميناً ويساراً بلا انجاز ونحن اساسا بلا هدف.. وبلا خطط وبلا تفكير.. ما لدينا هو خليط من «التوهان» الفكري والاداري والتنموي ولا عزاء للشعب الكويتي!
– لقد عشنا خلال السنوات السابقة تناقضا رهيبا.. كنا نعيش في «العصر الذهبي» لارتفاع اسعار النفط، وتحقيق فوائض مليارية، ومع هذا حدد وزراء المالية المتعاقبون سعر برميل النفط في الميزانية على اساس (75 دولاراً) مؤكدين انه اذا هبط عن ذلك المعدل فسيكون ذلك نوعا من التآكل من «اللحم الحي»!!
– امام هذا كله، كانت الاصوات المخلصة تتحدث وتعلن بلا توقف، اهمية لجوء الحكومة الى الترشيد والحد من الهدر، ومن تصاعد نفوذ تجار السياسة، وتصاعد سطوتهم على مقدرات البلاد واقتصادها، والاستئثار بالمناقصات المليونية، والتي يصاحبها عادة نوع من الفساد والافساد، كامن فيما يعرف بـ«الأوامر التغييرية» التي أصبحت ماركة مسجلة في كافة مناقصاتهم ومشروعاتهم!!
– لم يتوقف المخلصون ابدا عن المناشدة ولم يتوانوا عن طرق كل الابواب من اجل ايقاف عمليات الارتشاء التي صارت عنوان المرحلة، ووقف الهدر للمال العام، ووقف المخالفين والمتجاوزين ومحاسبتهم، ولكن لا حياة لمن تنادي.. والآن كما يقول المثل «راحت السكرة.. وجاءت الفكرة» وما كانوا يحذرون منه قد وقع الآن.. فاسعار النفط تهاوت الى ما دون الـ(60 دولاراً)، واصبحنا بالفعل مهددين.. ولا حول ولا قوة الا بالله!
– كل الاصوات لم تجد اصداء لدى الحكومة (اللا رشيدة) اذ انها مع هذا التحذير لم تفعل شيئا بالفعل.. بل ان احدهم – من الوزراء – تجاسر بالقول انه اذا تدنت الاسعار ما دون (56 دولارا).. فإن «السكين ستكون بلغت العظم»!
– لم يتوقف احد في الحكومة ليقل لنا ماذا ستفعل اذا تهاوت الاسعار الى هذه الحدود.. فقط – أمس قال وزير المالية ان الحكومة ستلجأ الى الاقتراض!!
– أهذا هو كل «ما قدرتم عليه»؟!
– أهذا هو كل «ما قدركم عليه الله»؟!
بعد كل هذه الراحة، وبعد ان استقام لكم الحال من مجلس ذي رقابة (صورية) رقابة «افلام ابيض واسود» فعشتم عصركم اللامسبوق، في الحكومة بلا رقابة، وبلا محاسبة، وبلا مخاوف وبعد كل هذا.. لا تجدون الا ان تقولوا لنا هذا هو الحل.. الاقتراض!!
– تعلمون انه لن يكون هناك عصر ذهبي جديد للنفط، على الاقل في المرحلة الحالية بعد ان ظهرت مصادر اخرى للنفط في الدول المستوردة له.. مثل (النفط الصخري في امريكا)، وعودة العراق وايران الى الانتاج المنتظم ما يفوق الـ(5 ملايين برميل نفط يوميا) فإنه لم يعد بالامكان ان نحلم مجرد حلم بحل مشكلاتنا التي انتظرنا حلها في سنوات «الوفرة المليارية!!».
– لم تحل شيئاً من مشكلاتنا الاساسية من الاسكان المتفاقم الطلب عليه، الى «ازمة المرور» الذي اصبح معاناة كل فرد في هذه «الديرة» الى الصحة التي اصبح حالها مترديا في ظل غياب معايير التطوير والتحديث ووضع الاسس الصحيحة للعلاج والتمريض سواء في داخل الكويت أو خارجها وصولا الى التنمية البشرية التي تحقق تراجعا، خاصة في قطاع التعليم، الذي يشهد البنك الدولي في تقريره الاخير بأن مخرجات نظامنا التعليمي هو الاسوأ مقارنة بالدول النامية الاخرى فإننا نصرف اموالا على هذا الصعيد ولكنها تذهب سدى.. لغياب الفكر في الادارة وروح الابتكار وغياب معايير التعيين على اسس الكفاءة!.
– الآن وفي ظل هذه «العورات النفطية» لن نستطيع ان نسُد «العورات» الانمائية التي تلح علينا، والتي يراها القاصي والداني وبسببها اصحبنا سخرية لكل اشقائنا الخليجيين والعرب!
في المقابل لدينا تاريخ مشرف في التنمية الاقتصادية بالخارج والذي توج على اثره سمو الامير كقائد انساني في تنمية الشعوب.
– «حسافه» على تلك الايام.. ويزداد الالم اذا مازالت تلك العقلية ممثلة بحكومة ستستمر في قيادة هذا البلد والله انها لمأساة.. فأسهل الطرق قد اتخذوا قرارا بها وهي الاقتراض او سحب من احتياطي الاجيال وتقليص بعض الخدمات وهذا كله نذير شؤم.. من هذه الحكومة التي لم تقدم لنا شيئا يذكر «في الرخاء» فما بالكم في «الضراء»!
– هي الآن حكومتنا الرشيدة تتحدث عن بدائل للايرادات وهذا يجعلنا نتوجس ونخاف على ما لدينا من اصول!
فهل هناك «هدايا» اكثر بالطريق لتجار السياسة الذين ينتظرون الفرصة السانحة لكي تزيد وتمتلئ كروشهم على حساب المال العام؟!
هل سيتم انتهاز الفرص لبيع الشركات الناجحة التي تساهم فيها الدولة وبأرخص الاسعار ومن دون اي سبب معقول؟!
– نعرف اننا امام مشكلة كبيرة وهي غياب السياسات الاقتصادية والتنموية ونعرف ان هناك افتقارا للرؤية المستقبلية ونعرف اننا نعتمد في %90 من ايراداتنا العامة على دخلنا من النفط، وان اي انخفاض لأسعاره تكون له بالتالي تأثيرات فادحة!
فخسارة الـ(50) دولارا في سعر البرميل بعد هبوط الاسعار من (104) دولارات للبرميل الى (56) دولارا فجأة تعني خسارة اكثر من 1420 مليون دولار يوميا وانه اذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فحتما فإن الخسارة الشهرية او السنوية ستكون افدح، فكيف سنواجه هذه الكارثة وكيف سنحل هذه المعضلة خاصة ان كل حسابات الميزانية بنيت على اساس تحديد الايرادات النفطية وفق (75 دولارا للبرميل) وقد اقرت ميزانيتنا للسنة المالية 2015/2014 على هذا الاساس!!
– ما سمعناه بالأمس من وزير المالية، بأن سعر (60 دولاراً) لبرميل النفط هو الاقرب لاعتماد ميزانية 2016/2015، يعني شيئا واحدا: هو هذه الحكومة ترهن وتربط بقاءها بأسعار النفط.. وليس بالإنجاز وليس بالإنتاج او التفكير الاستراتيجي!!
– ما يؤكد اننا في محنة حقيقية وهي محنة مزودجة.. محنة انخفاض الاسعار ومحنة تدني قدرات الحكومة ولذا لابد وان يكون لنا موقف تجاهها.. بالفعل لانها في الرخاء والشدة لم نر شيئا.. اذاً كيف سنمضي في القادم من الايام؟! لذلك نحن نحتاج.. الى حكومة «انقاذ» تنتشلنا من هذه «الكوابيس» المستمرة ومن حالة عدم الاستقرار التي نعيشها في ظل انقسام مجتمعي غير مسبوق، وفي ظل وجود مجلس (صوري) لا يقوى على الرقابة الحقة دون مصلحة وكل ما نراه اليوم هو ان الخطوات القادمة هي زيادة التنفيع لتجار السياسة لتوزيع باقي (الكيكة!).

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *