احمد الصراف

قطار الحياة

التقيت به في مطار، فوجدت الحزن بادياً عليه. جلسنا بانتظار رحلتينا. لم أتطفل عليه وتركته لحاله، فالحديث سيجرنا إلى سبب حزنه. بعد نكتة وأخرى انفرجت أساريره، وقال إنه يشكرني لأنني أنسيته، ولو للحظات، أنه مريض بمرض مميت، وأنه اكتشف، في لحظة صدق مع النفس، أنه لم يستمتع بحياته كما يجب بالرغم من ثرائه وصغر سنه النسبي. فقلت له إننا جميعاً نصبح في لحظة من حياتنا حكماء في الحياة، غالباً بعد فوات الأوان، وعندما نكون أقرب إلى الموت منا للحياة! ولكنه أسعد من غيره، فلديه المال الذي سيسهل له العلاج، وأن السرطان علاجه أصبح سهلاً، وأنها مرحلة وستمر بالرغم من صعوبتها، كما مر الملايين من أمثاله بها. وقلت له إن الحياة رحلة في قطار دائم الحركة والتوقف، يترجل شخص ويصعد غيره، ويتغير مساره أحياناً وينعطف ويذهب بعيداً. وكأي وسيلة نقل يتعرض الإنسان والحياة والقطار إلى حادث أو عارض ما. فنحن نركبه يوم نولد ويدفع الوالدان ثمن تذكرتنا، ويترجل منه من تعبوا في تربيتنا بعد بلوغ محطتهم النهائية ليركب غيرهم من مواليد جدد، وهكذا. وبالتالي، فإن القطار يتوقف ولكن للحظة فقط، ولكنه دائماً يعود إلى السير، وما علينا نحن ركابه غير الاستمتاع برفقة من هم معنا فيه من أبناء وأحفاد وأهل وأحبة وأصدقاء، فلا أحد سيترك القطار قبل غيره، وليست هناك رحلة أخرى مماثلة، ومن الضروري أن نخلق علاقة طيبة مع من معنا، وننسى أحقادنا ونسامح من أساء إلينا، فلا أحد يعرف متى ستنتهي تلك العلاقة، وكل علاقة.
وفي السياق نفسه، سأل أحدهم حكيماً عما يعنيه الحب، وما تعنيه الحياة، فقال له: اذهب إلى حديقة زهور عباد الشمس واقطف أطول زهرة فيها وعد بها، شريطة ألا تطرق الطريق نفسه مرة أخرى. ذهب الرجل وعاد بعد فترة خالي اليدينَ! فسأله الحكيم عما جرى فقال إنه رأى زهرة طويلة، ولكنه تركها لزهرة أطول وأطول، واستمر في سيره يبحث عن الأطول حتى انتهى الحال إلى منطقة ليس بها غير زهور قصيرة، وبما أنه ليس بإمكانه العودة، وقطف زهرة طويلة، فبالتالي خرج من الحديقة وليس بيده شيء. فقال له الحكيم هذا هو الحب! عد الآن إلى الحديقة ثانية واقطف أجمل زهرة فيها، ومتى ما فعلت ذلك لا تستطيع قطف غيرها. عاد الرجل بعد لحظات وهو يحمل زهرة، فسأله الحكيم هل هي الأجمل؟ فرد هذا: لا، ولكني تعلمت الدرس وقطفت أول زهرة جميلة رأيتها، ولم أعبأ بالبحث عن أجمل منها. فقال الحكيم: هذا هو الزواج.
ملاحظة:
ما الذي يعنيه قيام المرور بتحرير 30 الف مخالفة في يوم واحد، وهذا يحصل فقط في الأنظمة الأكثر تسيبا؟ انه يعني أن الصغير يقلد مخالفات الكبير، ولا عقاب!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *