بعكس الانسحاب الكبير من فيتنام في ربيع 1975، أتى سحب آخر القوات الأميركية المقاتلة من العراق باتجاه الكويت الذي تم قبل ليلتين، هادئا حتى ان الرئيس أوباما لم يذكره في خطابه الأخير ولم يبق على أرض الرافدين إلا القوات الأميركية الخاصة بالتدريب والتأهيل.
أمران انشغل بهما المراقبون لذلك الانسحاب التاريخي، أولهما تصريح رئيس الأركان العراقي بابكر الزيباري بأن الجيش العراقي لن يكون مؤهلا لتثبيت الأمن في البلاد وتأمين الحدود قبل عام 2020 مما قد يفتح الباب واسعا للاقتتال الداخلي الذي لا يبقي ولا يذر، والثاني حقيقة ان العراق فقد للمرة الأولى توازن القوى التاريخي القائم منذ 9 عقود مع إيران، ان أوضاع المنطقة الحرجة توجب على الدول الخليجية تشديد أواصر التحالف مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وكان الله في عون العراق على القادم من الأيام.
خبران مفرحان لبلدنا لم يعقب أحد عليهما ولنا ان نتصور كم النواح واللطم والبكاء لو أتت الأخبار بعكسهما، الأول عن احتلال الكويت المركز الأول عربيا في جودة المياه والصحة والتعليم والاقتصاد والسياسة، حسب قائمة مجلة «نيوزويك» الأميركية، والثاني تقرير ممثل الـ«فيفا» الدولية الذي أعطى ستاد جابر 9 من 10 في الجودة، لقد خُلقت ثقافة قمعية خاطئة في شارعنا السياسي لم يعد أحد يجرؤ معها على الثناء على بلدنا.
وفي بلدنا هناك هجمة شرسة على النائبات تقوم على معطى قصة «أكل الثور الأبيض» أي التركيز على احداهن (د.سلوى الجسار) ثم التحول بعد الانتهاء منها لغيرها لاثبات خطأ مشاركة النساء في البرلمان ومن ذلك تكرار مقولة «تسييس السياسة» التي تنسب لها، والحقيقة ان النواب نساء ورجالا بشر يمكن ان تزل ألسنتهم أو لا تفهم مقاصدهم، ولكن هل يستطيع الناقدون حقا ان يقارنوا تلك المقولة بالبذاءات والشتائم والتعرض لأعراض الناس التي اشتهر بها بعض النواب الآخرين أو حتى ان تقارن بالخطأ والتلاعب بالقسم الدستوري كما حدث مرارا في الماضي.
وضمن الحملة اتهام النائبة الفاضلة نفسها بالتوسط لأحد أقاربها وان احد شروط التعيين في المنصب الذي تقلده لا ينطبق عليه، ومضحك جدا أن يأتي النقد والتعرض للنائبة ممن لم يعرف عنهم إلا التوسط لسنوات طوال للأقارب البعيدين والقريبين للحصول على مراكز لا يستحقونها ولا تنطبق عليهم شروط التعيين، وإلا لماذا احتاجوا للتوسط أساسا؟!، لذا فمن كان منهم بلا خطيئة التوسط فليرمها بحجر أو ليصمت.
وفي وقت نطالب فيه دائما بتطبيق القانون بنصه وروحه، ولكن مادام ذلك الأمر غير معمول به دون إرادتنا في بلدنا المعطاء بسبب الصفقات السياسية، فأيهما أفضل ان يعين دكتور جامعي شديد القدرة والكفاءة والإبداع وله دراسات مختصة في قضايا المعاقين وأظهر منذ اللحظة الأولى رغبته في الإصلاح والقبول بالمحاسبة على عمله، أم ان يعين من لا يملك القدرة والكفاءة والأمانة كما حدث مرارا وتكرارا في الماضي دون تعقيب أو تعليق؟!
آخر محطة:
(1) الشكر الجزيل للعميدين الصديقين محمد الصبر وإحسان العويش على حسن التعامل وكفاءة الأداء في إنجاز الأعمال.
(2) خانت العبرة الصديق المفكر حسن علوي وهو يروي لي انطباعاته عن زيارته الأخيرة لبغداد التي قد يتحول لون نهريها الى الأحمر القاني بسبب الأحداث الجسام القادمة، وأين الجامعة العربية لتسد بقواتها الفراغ الكبير الناتج عن خروج القوات الأميركية؟!