سامي النصف

تأجيج النيران بدلاً من إطفائها

خبران مؤسفان طيرتهما وكالات الأنباء يتعلقان بشابين كويتيين متقاربين في السن فرقت بينهما التوجهات السياسية وجمعتهما ظروف الاحكام القضائية الصادرة ضدهما، اولهما الشاب فوزي العودة الذي رفضت محكمة الاستئناف الاميركية الافراج عنه، والثاني هو الشاب خالد الفضالة الذي صدر حكم ابتدائي من محكمة كويتية بسجنه 3 أشهر وتغريمه 150 دينارا.

في الحالتين ذهب الشابان ضحية من حرض وأجج وبقي آمنا في بيته ووسط اهله، وكان الافضل في الحالتين لو تم الاقرار بالخطأ والاعتذار عنه بدلا من الاصرار على انكاره وهو ما لا يترك للقاضي الاميركي او الكويتي مجالا للاخذ بعوامل الرأفة والرحمة.

واذا كنا لا نملك الدلالة على ما يحدث في اميركا التي تبعد عنا آلاف الاميال، ففي المجال متسع للحديث عن قضية امين عام التحالف الوطني، فليس فيما هو قائم ما يسر القلب، فلا فائدة لسمو رئيس الحكومة من التباين مع اي تيار سياسي قائم على الساحة السياسية الكويتية، كما ليس في دخول خالد الفضالة السجن ـ رغم ما يقوله المؤججون ـ اي مصلحة شخصية او سياسية له، اي اننا في النهاية امام قضية يقوم معطاها على مبدأ خسارة ـ خسارة للطرفين وخسارة لطرف ثالث هو سمعة الكويت الدولية.

ان التعامل مع نار الازمات ـ التي لها مستفيدون كثر في الكويت ـ لا يتم عبر ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لمن يسكب الوقود عليها كما يحدث هذه الايام، بل يجب ان يتدخل الحكماء والخيرون من اهل الكويت للوصول الى حل يرضي الطرفين ويحيل المعادلة القائمة الى ربح ـ ربح عبر اعتراف المخطئ بخطئه والتراجع عنه وقبول الطرف الاخر بشكل ابوي بذلك التراجع عن التهم التي لا يصدقها احد وفتح صفحة جديدة بعد ذلك.

ومن المسلمات التي يتم القفز عليها حقيقة ان حديث السيد خالد الفضالة لا يمثل ذاته بل يفترض ان يعكس رأي التيار السياسي الذي يعمل امينا عاما له، وواضح ان ما ارسل من تهم لا يمثل اطلاقا ذلك التيار المتواجد بشكل واضح على الساحة السياسية الكويتية بدليل ما نراه من وقوف ممثلي التيار في البرلمان ضد الاستجوابات التي قدمت للحكومة القائمة.

آخر محطة:

(1) بودنا ان نسمع اليوم قبل الغد عن تسوية تضع مصلحة الكويت نصب اعينها تقوم على هدى الآيات الكريمة (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) و (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).

(2) بالمقابل نعتقد ان احد اهم الدروس السياسية للسيد خالد الفضالة هو حقيقة ان التراجع عن الخطأ خير من التمادي فيه والاصرار عليه، كما ان الاعتذار هو قيمة انسانية رائعة نود ان تعزز في القاموس السياسي الكويتي بدلا من قيم العند والمكابرة وان تأخذنا العزة بالاثم!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *