من الامور التي اعتدناها حتى الثمالة في الكويت الاخطاء الفادحة في التشاريع والمشاريع وعدم الاستماع لمن يحذرنا من الحفر حتى نقع فيها على رؤوسنا وندفع بعدها ثمن ذلك السقوط المؤلم ونقول «آه لقد كانت هناك اذن حفرة عميقة في الطريق» والغريب اننا نرجع سريعا لصمم آذاننا عمن يحذرنا من السقوط في الحفر اللاحقة حتى نسقط مرة اخرى وهكذا يستمر المشوار.
طمأنة الناس عبر ضمان سنوات العمل القليلة بالقطاعات المزمع خصخصتها، او اعطاء سنوات خدمة اعتبارية او حتى مزايا مالية كلها تصب في مصلحة كبار السن ممن هم على حافة التقاعد ولكن ماذا عن صغار ومتوسطي السن وهم القطاع الاكبر في الدولة؟ وماذا ستنفعهم وحدها تلك السنوات القليلة التي ستنقضي سريعا؟!
ان على الدولة وقد اغلق باب التوظيف الا قليلا للشباب والرجال الكويتيين عبر مشروع الخصخصة المقبل حيث لا يوجد بصيص امل في ان القطاع الخاص الذي ستؤول اليه ملكيات القطاعات الخدماتية او المستثمر الاجنبي سيفتح باب التوظيف لهؤلاء المواطنين، ان تبادر بخلق قوانين وتشريعات فاعلة تكسر الاحتكارات الرسمية وغير الرسمية وتخلق آلاف الفرص لملكية المشروعات الصغيرة مضمونة الربح والتي تدر دخولا اكثر بعشرات المرات من رواتب الحكومة ورواتب الشركات المساهمة الخاصة ومن ثم ستحيل الكويتي من موظف الى مالك وخالق للوظيفة.
ان الشاب الكويتي لا يستطيع هذه الايام، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ان يفتح محلا يدر عليه آلاف الدنانير كل شهر يقوم خلاله بوضع عمال يستبدلون تواير السيارات، او بيع خضار بسوق الخضار او خلق شركات للنقل او الدخول لأسواق التجزئة او مقاولات بناء الفلل او تشطيبها ..الخ، بسبب احتكار تلك القطاعات من جاليات تفلس، تحت سمع وبصر الحكومة الرشيدة، كل من يحاول الدخول لتلك الانشطة مضمونة الربح والدخل.
والحال كذلك مع الجمعيات التعاونية التي تمنح انشطة افرعها لا للشباب الكويتي المستقل بل لشركات تحتكر تلك الانشطة والتي يعرف البعض منها كيف يدفع الرشاوى للادارات الفاسدة من تحت الطاولة للحصول على الافرع، ومثل ذلك ضرورة ان تكتفي الوكالات الكبرى للانشطة المختلفة من مطاعم والكترونيات وسيارات ومحطات وقود ..الخ، بأخذ نسبتها المالية المقررة من البيع وافساح المجال، كما يحدث في الدول الاخرى للمواطنين للمشاركة في الافرع والتجزئة، فكل فرع هو مشاركة بين الشركة او الوكالة الأم ومواطن حتى تعم الفائدة ويربح الجميع.
كما يجب منع الاحتكار والاغراق والتفتيت اي منع الوكالات الكبرى من البيع المباشر الذي قضى على فرص الشباب في فتح محلات لبيع التجزئة عبر عمليات الاغراق والاحتكار، كما يجب العمل التدريجي لتحويل الاسواق المركزية للجمعيات التعاونية، التي تفتتت ارباحها الملايينية الى مبالغ زهيدة لا يستفيد منها احد، الى اسواق مركزية متنافسة يملكها افراد او شركات عائلية صغيرة (لا مساهمة) كي تصبح كذلك موارد رزق لآلاف الكويتيين الآخرين ويمكن الحصول على اموال التمويل من قروض البنوك حتى لا تصبح حكرا على الاثرياء وللموضوع صلة.
آخر محطة:
اسوأ حجة استمعت لها في محاربة الخصخصة هي الكلام المدغدغ وغير المفيد القائل: ان الخصخصة هي «بيع للدولة» وإنها تعني ان يعمل الناس «صبيان» لدى التجار، فبئس الكلام المحرض هذا! فهل سمع عاقل بمن يصف من يعمل في شركات سوني او مرسيدس او جنرال موتورز بأنه «صبي» لدى ملاك الاسهم فيها؟! بودنا من بعض «لوردات» مجلس الامة ان يجعلوا من التجار الوطنيين قدوة لهم بدلا من مهاجمتهم، وان يتبرعوا بجزء من ثروتهم كحالهم لاعمال الخير وبناء الاجنحة في المستشفيات ..الخ.