تعقيبا على مقال الأمس عن فاجعة الطائرة الپولندية، أخبرني الصديق الكابتن حسام الشملان بقصته مع الامير الراحل الشيخ جابر الأحمد والتي تظهر توجها معاكسا تماما لما قام به الرئيس الپولندي ليخ كاتشينسكي الذي تسبب تدخله، كما يعتقد، في قرارات الطيار في الكارثة الجوية الأخيرة التي حدثت في الغرب الروسي.
كان الكابتن حسام يقود الطائرة الأميرية المتجهة الى اسطنبول التركية ولاحظ بعد الهبوط وجود 5 طائرات هيليكوبتر تنتظر الوفد كي تقله للقصر الجمهوري بالبلد، توجه الكابتن لسمو الأمير الراحل وأبلغه بأنه شاهد على رادار الطائرة وجود غيوم وعواصف رعدية تتجه سريعا للمطار، لذا لا ينصح سموه والوفد باستخدام تلك الطائرات، لم يعلق الأمير الا ان الكابتن لاحظ بعد قليل تحليق الطائرات دون الوفد الذي احضرت له على عجل عدة سيارات من المطار استخدمت في الانتقال للمدينة.
بعد العودة للكويت ذهب الكابتن لزيارة الشيخ سعد العبدالله في ديوانيته المسائية يوم الاحد والذي قال له امام الحضور ان الامير اخبرهم اثناء ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء ذلك الصباح، بأن كابتن الطائرة استخدم معهم صلاحياته الفنية وانهم استمعوا لنصحه وتوجهوا بالسيارات للمدينة ومروا خلالها بالجو العاصف الذي حذر منه الكابتن، أمير بعكس الرئيس لا يستمع فقط للنصح الفني، بل يجعله وسيلة للثناء على من تقدم به له.
يناقش اليوم قانون الخصخصة، وهناك بعض الامور التي يجب ان توضع في الحسبان «قبل» تطبيقه وتفعيله أولها ان الخصخصة ليست الحل السحري لمشاكل الادارات الحكومية الفاسدة والمترهلة، فإن كانت هناك مشاكل في «الكويتية» أو أي قطاع خدماتي آخر بالدولة فالحل لا يكمن في القفز الى الامام والدعوة للخصخصة كبديل لعمليات الاصلاح الحقيقية الواجبة في قطاعات الدولة المختلفة، وأذكّر هنا بدراسة مختصة مهمة للأمم المتحدة تحدثت عن ان الحل المناسب لمشاكل الادارة في الدول يكمن في وضع الادارات الكفؤة الأمينة في مواقع المسؤولية بالادارات الحكومية حتى تخلق حالة تنافس وتسابق في الانتاج بين القطاعين العام والخاص ويسهل بيعها عند حاجة الدول للسيولة المالية.
ان حل صداع الرأس لا يكمن في قطعه، والقطاع الخاص في الكويت لا يقل فسادا وترهلا وتفشيا للواسطة والمحسوبية عن القطاع العام، بل انه يقل في كثير من الاحيان انتاجية عنه (انظر تجربة الشركات الورقية)، لذا فتغيير الملكية قبل الاصلاح لن يحل شيئا وهو أقرب للمستجير من الرمضاء بالنار، ان هناك فارقا كبيرا بين الخصخصة في أميركا وبريطانيا والدول الاخرى والخصخصة في الكويت، حيث سيبقى الاميركي أو الانجليزي يعمل في القطاع المعني سواء كان عاما أو خاصا.
أما في الكويت فيعمل 98% من الكويتيين في القطاع العام و98% من غير الكويتيين في القطاع الخاص الذي لا تزيد نسبة الكويتيين فيه على 2%، وتظهر تجارب الخصخصة السابقة ان اعداد العمالة الكويتية تناقصت في احداها بنسبة 90% (من 360 موظفا الى 30) بينما وصلت في القطاع الآخر الى 0%، ان دواء الخصخصة في الكويت أكثر ضررا من امراض القطاع العام مجتمعة ولنا عودة لهذا الموضوع المهم في القادم من الايام.
آخر محطة:
(1) يجب ألا يعامل ويقابل خطأ الاستعجال بالخصخصة وعدم مشاورة القطاعات المعنية بخطأ أكبر هو التجمهر والتظاهر والرفض المسبق لكل ما يطرح حول الخصخصة، الديموقراطية تقوم على الحوار الهادئ والاقناع لا على التشنج وفرض الآراء الذي يدل على ضعف الحجة.
(2) نهج الخصخصة المقترح سيضر بالمواطنين في القطاع العام والمقيمين العاملين في القطاع الخاص لنزوح الاولين نحو وظائفهم بينما ستضمن الحلول المتأنية العاقلة الكسب والربح لكل الاطراف.