حادثة جمرك العبدلي تحتاج الى وقفة، فمن ناحية يحق للجمارك تفتيش القادمين سواء من مكة المكرمة او النجف الاشرف، ومن ناحية اخرى يفرض الحس السليم الا يتم تأخير الحجاج بسبب كتب أدعية معهم، خاصة انها لم تكن معبأة في الكراتين او بأعداد ضخمة بل واضح انها للاستخدام الشخصي للحاج، احيانا تطبيق روح القانون أفضل من نصه، والقضية لا تحتاج لعمليات تسخين سياسية او تأجيج للطائفية، بل تعزيز للوحدة الوطنية عبر التسامح والتغاضي.
يقال ان ما يضبط في العادة من اي أمر مهرب لا يزيد على 10% مما يتم تهريبه، القبض قبل مدة على 14 شاحنة محملة بالمواد التموينية المدعومة من المال العام عند احد المعابر البرية يجعلنا نتساءل عن عدد الشاحنات التي مرت قبلها؟!، كما يدعونا لطلب وضع موظفين جمركيين عند المعابر لمراقبة تهريب الأدوية المجانية وغيرها من مواد مدعومة، وفي هذا السياق أخبرني صيدلي صديق بأن مواطنا أوصل له كيس قمامة كبيرا مليئا بالأدوية قال ان والدته اعتادت ان تحضرها معها ولا تستخدمها، ويضيف الصيدلي: حسبت ثمن تلك الأدوية فوجدت انها جاوزت 750 دينارا.
في عام 1951 أصدر الكاتب اللبناني الشهير سعيد فريحة كتابه «جعبة الصياد» قال فيه: انه زار الكويت بمعية ابن الشوف اميل البستاني دون ان يحمل جواز سفر أو يفتش جمركيا، ومما ذكره ان الطائرة كانت تلاقي صعوبة في الإقلاع والتحليق بسبب وفرة صناديق الذهب التي تحملها حيث كانت الكويت مركز تصنيع الذهب الأول في المنطقة، ومما ذكره ان الشيخ عبدالله السالم قال له في مجلسه: «ان كل مالنا هو للناس وان من قدم الحسنى لاقى الجمايل»، وقد طرب وفرح فريحة لهذه العبارة وود لو انتشرت في كل الدول العربية الأخرى، كما أتى في الكتاب.
طرح الإعلامي اللبناني طوني خليفة في برنامجه الشائق «للنشر» ما ذكر عن سقوط طائرة «كويتية» عام 1957 على سواحل بيروت والتي يفترض انها كانت تحمل 27 راكبا و15 صندوقا مليئة بالذهب يزيد وزنها على 400 كغم لم يعثر عليهم احد قط وان هناك احتمالا بأن تكون ان الطائرة قد أسقطت عن عمد بعد ان ملئت الصناديق بالأحجار قبل المغادرة، والحقيقة ان الطائرة لم تكن كويتية بل لبنانية تابعة لـ «ايرلبنان» وان التآمر مع الطيار لإسقاط الطائرة لإخفاء الذهب او تحصيل أموال التأمين كان سائدا آنذاك وخاصة لدى شركة TMA التي بالغت في عمليات إسقاط الطائرات بالعمد حتى حرف اسمها الذي يعني «الطيران عبر المتوسط» الى «Too Many Accident» اي كثيرة الحوادث.
وضمن نفس كتاب سعيد فريحة يروي انطباعاته عن بريطانيا آنذاك واستغرابه من نظام الجمعيات التعاونية القائم فيها والذي يقوم في نهاية العام بتوزيع الأرباح طبقا لمشترياتهم، نظام الجمعيات التعاونية اختفى من بريطانيا، ما يعني عدم مواكبته لروح العصر وبقي في بلدنا الحبيب كوسيلة للتكسب والتنفيع والإثراء غير المشروع، وحسنا فعل وزير الشؤون د.محمد العفاسي بوضع نظام جديد للجمعيات يحد من الاحتكار ويمنع التجاوز.
آخر محطة:
زار وزير التربية المصري د.احمد زكي بدر مدرسة في حلوان دون سابق إنذار ولاحظ التسيب فيها فأصدر قرارات نقل وفصل لـ 110 من الإداريين والمدرسين فيها ولم يقبل في ذلك القرار وساطة احد، بعدها توقف التسيب في المدارس المصرية، كما عقد المفصولون والمنقولون مؤتمرا صحافيا موسعا في وزارة التربية أعلنوا فيه اعتذارهم الرسمي لسيادة الوزير، شدة محقة نحتاجها في مدارسنا.