للمعلومة، تنقسم المراكز المالية الى أنواع عدة منها المركز المالي «العالمي» كحال طوكيو ولندن ونيويورك، واحتمال ان ننافسهم أو نصبح مثلهم أقرب منه احتمال أن تشرق الشمس من الغرب أو تغرب من الشرق أو أن تنتهي المشاكل السياسية من حياتنا الكويتية.. لا فرق.
نوع آخر هو مراكز «الأوف شور» المالية والبنكية كحال جزر الكايمان وهذا الدور قامت به وبكفاءة عالية ومنذ سنوات طوال مملكة البحرين التي وطنت مئات البنوك الأجنبية لديها (مقابل أقل من عشرة لدينا) ومن ثم علينا ان نغسل أيدينا من هذا الخيار إن أردنا الواقعية.
النوع الثالث هو المركز «الإقليمي» المالي، وإشكالية هذا الخيار انك لا تختاره لنفسك فقط بل يجب ان يختاره العالم والدول المجاورة لك، والذي يكتفي في كل مرة بمركزين ماليين إقليميين لكل إقليم جغرافي كحال هونغ كونغ وسنغافورة في شرق آسيا، وسويسرا ولوكسمبورغ في أوروبا ..الخ، وواضح ان هذين المركزين قد تأسسا في الخليج عبر ما نراه قائما في دولتي الإمارات وقطر.
ومزايا هاتين الدولتين مقارنة بالكويت لا تعد ولا تحصى، فلهم أولا السبق الزمني وما دفعوه من مئات المليارات لتطوير بناهم التحتية وتطوير تشريعاتهم، وقضائهم على الروتين واستقرارهم السياسي ووجود شركات طيران وطنية عملاقة (القطرية، الإماراتية، الاتحاد)، تجلب ملايين السائحين والمستثمرين لبلدانهم، اضافة الى الحياة الاجتماعية المنفتحة (لا مركز ماليا دون ذلك الشرط) والأنظمة التعليمية المختلطة والمتطورة التي لا يتدخل أحد في مناهجها أو.. حفلاتها الموسيقية!
الأمل «الوحيد» للكويت بعد تلك المعطيات هو في خلق مركز مالي إقليمي أو عالمي للاقتصاد «الإسلامي» وهو ما يعكس وبحق واقعنا، وهذا الخيار لن يبقى طويلا على الطاولة حيث يمكن لمدن سريعة القرار كالرياض أو جدة أو مسقط أن تستحوذ عليه في ظل بقاء «اللاخبرات» الاقتصادية الكويتية الشهيرة بمحدودية التفكير والقدرات وتركيزها الشديد والوحيد على ما ينفعها شخصيا ويملأ جيوبها لا ما ينفع الكويت ومستقبلها.
آخر محطة:
(1) يمكن ان تشتري أعلى الشهادات الجامعية وحتى الدكتوراه، ويمكن كذلك تعلم اللغات الأجنبية عبر التواجد في الخارج، ويمكن الخداع والتظاهر بالعلم والمعرفة، إلا أن ما لا يشترى بمال هو الذكاء والحنكة والحكمة التي لو تواجدت لدى بعض «اللاخبرات» الكويتية لما صنفنا تقرير شركة ميريل لينش العالمية الصادر أمس بأننا سنبقى الأسوأ اقتصاديا وبعشرات الأضعاف من دول المنطقة لعام 2010.. ولما بعده على الأرجح!
(2) قابلت خلال الأسابيع الماضية في الكويت وخارجها العشرات من العراقيين ممن كان لديهم انطباع واحد هو ان شعبهم يختلف على كل شيء إلا في تحميل الكويت مسؤولية الأوضاع السيئة التي يعيشونها مستشهدين بما أعلناه – دون داع أو قدرة – من رفضنا اخراج بلدهم من قرارات الفصل السابع، كيف نفكر في مشروع المركز المالي ونحن نسيء عبر النصح السيئ لدول الجوار التي يفترض ان تقبل بأن نكون بوابتها للعالم؟! مستقبل و«بقاء» الكويت يفرضان علينا تغييرا جذريا في النهج والفكر وقبلهما في شخوص..اللاخبراء!