سامي النصف

هل هناك ديموقراطية عربية؟!

الجزائر بداية التسعينيات، بعد فترة حكم شمولي قاربت الثلاثين عاما أتت الديموقراطية البيضاء واكتسحت التيارات المؤدلجة الانتخابات فوقف زعيمها عباس مدني ليعلن على الملأ ان ذلك آخر عهدهم بالديموقراطية مكررا ما قامت به الأحزاب النازية والفاشية والماركسية من وصول عن طريق صناديق الانتخاب ثم إغلاقها بالضبة والمفتاح وسقط بعد ذلك مائة ألف رأس جزائري ثمنا لذلك الفهم الخاطئ للعملية السياسية.

لبنان أقدم ديموقراطية عربية قائمة حتى اليوم وتحت مظلتها قامت حروب 58 و69 و73 و75 ـ 90 و78 و82 و2006 والخير لقدام، وتحت راية الديموقراطية اللبنانية تقوم ديكتاتورية قمعية مستترة التي منها ديكتاتورية صدام لزعماء الأحزاب والطوائف فمن يعارضهم أو يبدي رأيا آخر يقتل أو يفجر أو يهجر، وهؤلاء الزعماء ـ لا الشعب ـ هم من يقرر أسماء المرشحين والفائزين بعد ان يتسلم المقسوم منهم، وآخر إبداعات الديموقراطية اللبنانية الاختراع الجديد المسمى «الديموقراطية التوافقية» أي لا يهم من يختار الناس توجهه وبرنامجه فللآخر حق التعطيل والڤيتو!

العراق 2003 وسقوط أعتى ديكتاتورية في العالم وتنفس الشعب المظلوم الصعداء لتشرق بعدها ديموقراطية مدمرة اخرى تعتمد على الطائفية والعشائرية والانشطارية والانتحارية ونسف أسس المجتمع المدني القائم منذ قرون واستبداله بمليشيات القتل والنحر والتفجير التي أعاقت عمل الحكومات المتعاقبة لإصلاح البنى الأساسية للدولة.

الكويت وديموقراطية الغوغائية والدغدغة والنهب والسلب والشتم والسب، والعرقلة المستمرة لعمليات التنمية وتطوير البلد، ديموقراطية السرقات والرشاوى والواسطات والمقترحات المضحكة والمجنونة، ديموقراطية الصياح والتهديد والوعيد ومحاسبة الشرفاء وترك المتجاوزين، ديموقراطية اختزل دستورها وجهد آبائها المؤسسين بمادة واحدة هي «الاستجواب ولا شيء غيره».

وكان الصديق العزيز د.مأمون فندي قد اتصل بي قبل ايام للسلام وللسؤال عن الرأي فيما طرحه في مقاله الأخير بجريدة الشرق الاوسط المسمى «الحل في غير الحل» والذي اقترح خلاله الاخذ بنظام المجلسين كحال اغلب الديموقراطيات الاخرى المتقدمة منها والمتخلفة والتحول لنظام الدائرة الواحدة ـ غير المعمول به في الديموقراطيات الأخرى ـ والحقيقة ان المقترحين يحتاجان لنقاش عاقل وجاد وتعديل دستوري في بلد اصبح فيه الحديث عن تنقيح الدستور امراً يعادل ارتكاب جريمة الخيانة العظمى، وأخشى ما أخشاه مع عدم عمل دورات تدريبية للنواب الجدد ان يتقدم احدهم بطلب استجواب للصديق مأمون فندي كما طالب بعضهم الآخر، فيما سبق، بمنع دخول الشاعر العراقي «المرحوم» معروف الرصافي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:
بعد سلسلة فضائح بعض النواب المالية نرجو ان يكون اول مقترح يقدم للمجلس المقبل هو إنشاء «لجنة قيم» تحاسب وتسقط عضوية المتجاوز منهم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *