الكويت الجديدة في حاجة لنوعية جديدة من النواب، لنواب يهرفون بما يعلمون، فلا يتحدثون ولا يتخذون المواقف إلا بعد أن يثقفوا أنفسهم بأول أبجديات العمل السياسي والبرلماني، نواب يعلمون ان سبب وصولهم للكراسي الخضراء هو تعمير البلاد لا تدميرها، والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام لا تعطيلها.
نواب جدد بأفكار ومفاهيم جديدة تمنعهم من بيع ضمائرهم في أسواق النخاسة طمعا في ملء الجيوب، ولا يحددون مواقفهم السياسية تبعا للفزعة الجاهلية وجريا خلف مقولة «مع الخيل يا شقرا» بل يضعون مصلحة الكويت ومستقبلها على رأس سلم أولوياتهم لا آخرها.
نواب جدد أمناء أذكياء أكفاء يعلمون أن الكراسي زائلة والسمعة الطيبة باقية وأن التاريخ لا يرحم وذاكرة الناخبين قوية، فكم من اسم كبير أصغرته تصرفاته بعد انتخابه، وكم من اسم صغير أكبرته مواقفه التقية النقية عند الشدائد وفي الملمات بعد نجاحه.
نواب جدد يعلمون أن أسوأ ما يمكن للنائب عمله هو أن يضع إعادة الانتخاب وخدمة الذات هدفا أسمى له فيحاول الخداع واللعب على كل الحبال وتبني كل المواقف للوصول له، فورقة تمرر لهذا وموقف مضاد يهمس به لذاك، وكلمة تلقى أمام الأضواء، وموقف معاكس لها يتخذ بعد أن تطفأ، فالمهم إعادة الانتخاب ولا تهم الوسيلة.
نواب جدد لا يعارضون للمعارضة وادعاء البطولة الزائفة في بلد لا يخاف فيه أحد من أحد بل يعارضون إن شهدوا ما يستحق المعارضة، ويدعمون إن وجدوا أن مصلحة البلاد والعباد تقتضي ذلك خاصة فيما يخص مشاريع التنمية ومقترحات إنقاذ البلاد من الكوارث الاقتصادية القادمة، نواب جدد لا يتغنون بإطلاق التعليقات والتشنيعات الصبيانية على القضايا المصيرية بقصد تحريض العامة عليها بل يدعمونها ثم يملكون الشجاعة الأدبية لشرح مواقفهم الصائبة للناخبين في المنتديات والدواوين.
نواب جدد يقودون الشارع لمصلحته لا أن يسمحوا له بأن يقودهم للدمار، نواب يحترمون القوانين المرعية لا أن يتسابقوا على اختراقها وتجاوزها، نواب يحفظون كرامتهم وكرامة الناخبين عبر رفضهم للواسطة ودعوتهم للمساواة بين الجميع، نواب لا يجعلون الاستجواب خيارهم الأول بل الأخير حفاظا على مصالح البلاد العليا ولا يفخرون بكثرة ما قدموا من استجوابات بل ما قدموا من اقتراحات.
نواب جدد لا يرتضون أن يقدموا أي ولاء آخر على ولائهم لوطنهم وشعبهم وناخبيهم، فإن تحدثوا وضعوا الكويت نصب أعينهم، وإن صوتوا جعلوا مستقبلها هو ديدنهم، وإن اقترحوا أو شرّعوا كان الوطن ولا غير الوطن ومصلحته هو من يسيّرهم.