بعد ان دمر البعض بعمد او غفلة مستقبل الكويت السياسي وجعلوا من ممارستنا الديموقراطية التي كنا نفخر بها، والتي خلقها آباء حكماء مؤسسون، القدوة السيئة ـ لا الحسنة ـ للاشقاء في الخليج، اتى الدور هذه الايام على اقتصاد البلد ومستقبله، حيث بدأت ميكنة الخراب والدمار تتحول لذلك المسار بهدف عرقلته وزيادة كلفة اصلاح الاقتصاد الكويتي.
واول الامور التي يجب ان نعيها ان دول العالم اجمع ـ عدانا ـ قد تبنت مشاريع حكوماتها المالية التي تهدف لانقاذ الاسواق وتوفير السيولة لها، وجميع تلك الدول دون استثناء تعلم ان تأخير الحلول يعني مضاعفة التكلفة والحاق الضرر بالتبعية بالاقتصاد الوطني.
والحلول الجيدة هي نتاج طبيعي للتشخيص الجيد، لذا لا يمكن القبول بحلول تأتي ممن يزيف الحقائق ويدعي ان مشروع الاستقرار المالي يهدف لتنفيع حفنة من المستفيدين، حيث ان ذلك المشروع في الكويت وخارجها يهدف لحماية الشركات المساهمة لا الخاصة والبنوك ومن ثم مدخرات مليون كويتي ومليوني مقيم ممن سيتضررون بالتبعية من عرقلة مشروع الانقاذ وافلاس المؤسسات المالية.
ولا حكمة على الاطلاق من ربط مشروع الانقاذ الوطني بشراء المديونيات لألف سبب وسبب، حيث لا يوجد رابط بينهما ولا مشكلة حقيقية مع عملية الاقتراض التي يقوم عليها اقتصاد العالم اجمع، خاصة ان الاغلبية المطلقة من الكويتيين قد حافظوا على وظائفهم الحكومية ومن ثم القدرة على دفع أقساط ما اقترضوه كما ان صندوق المعسرين لم يتحقق امامه الا 230 حالة، مما يعني ان اشكالية شراء المديونيات الفريدة هي قضية مختلقة من الاساس.
وواضح ان مشروع شراء المديونيات لم يقم به احد في العالم اجمع منذ بدء الخليقة او حتى الدول الخليجية الاخرى التي ستحرج بمثل هذا المشروع، كذلك سيبنى على هذا المشروع ظلم كثير من غير المقترضين ممن لا تسمح اوضاعهم المالية السيئة كحال الكثير من المتقاعدين بالاقتراض، كما سيطالب المقترضون مستقبلا بتكرار تلك الفكرة المجنونة غير المسبوقة تطبيقا لمبدأ المساواة ما دمنا قد قمنا بها ونحن في اسوأ احوالنا المالية كوضعنا هذه الايام.
وللتذكير فقد تقلصت خلال الفترة الاخيرة مداخيل الدولة من نفط واستثمار ولم تزد حتى يتم التسابق على كيفية صرفها، واما اذا ما اضطررنا لذلك الامر فلا شك ان مشروع النائب الفاضل مرزوق الغانم ومن معه يوفر الحد الادنى من العدالة بين افراد الشعب الكويتي، خاصة ممن لم يقترضوا لضعف احوالهم المالية، حيث ان القروض تقدم عادة لاصحاب الدخول المرتفعة لا المتدنية.
آخر محطة:
في بلد لا يدفع فيه الكثيرون فواتير الكهرباء والماء والهواتف المستحقة للدولة، لن يقوم احد بعد ذلك بدفع الديون المشتراة من قبل الدولة وستسقط بالتبعية. نرجو ممن يعتقد حقا ان في مشروع الاستقرار المالي انقاذاً لحرامية الشركات العامة ان يتقدم بتعديل يشدد العقوبات على السراق بدلا من عرقلته، او التقدم بمشروع شراء المديونيات، حيث يجب ألا نقبل بمنطق سأسكت عن المتجاوزين اذا ما طوفتوا لنا هذا المقترح او ذاك.