يجب ان نقر كعرب أننا أسأنا التصرف مع شركائنا واخواننا في الاوطان، فقد عانى الاكراد والبربر والافارقة واصحاب الديانات والمذاهب الاخرى كثيرا من عمليات الاضطهاد والتمييز والقمع التي مارسناها ضدهم عبر قرون، خصوصا ابان حكم الدولة العثمانية، وقد يكون من المناسب جدا ان تتقدم كل دولة عربية على حدة بالاعتذار او ان تتبنى الجامعة العربية ممثلة بأمينها العام اعلان اعتذار عربي عام لمن أسأنا اليه من اخواننا في الاوطان.
وأخشى في غياب مثل ذلك الاقرار والاعتذار ان ينشطر العالم العربي مستقبلا وينقسم الى عشرات الدويلات بدءا من اكراد العراق في شمال الوطن العربي وانتهاء بأفارقة السودان في جنوبه، مرورا بعشرات الاعراق والقوميات واصحاب الديانات والمذاهب ممن لم يعد ممكنا لعواصمنا العربية المدججة بالسلاح ان تفرض هيمنتها عليهم بالحديد والنار في عصر الحريات والتدخل العالمي لإنقاذ الاقليات.
وقد قرأت العديد من الكتب المختصة بأوضاع اليهود في دولنا العربية، والحقيقة التي لا زيف فيها، انه في الوقت الذي اساء فيه بعض المتطرفين الصهاينة في فلسطين لعربها، قام بعض العرب في كثير من اوطاننا خلال القرن الماضي بتحميل اليهود في تلك الاوطان ودون ذنب على الاطلاق مسؤولية ما يحدث وتمت عمليات قتل وابادة ونهب وتهجير لليهود العرب لا لأعمال قاموا بها او لخيانات ظهرت منهم بل لأسباب ثورية انفعالية لا يمكن تبريرها او السكوت عنها.
والغريب في تلك العمليات انها وجهت لليهود العرب الذين تمسكوا بالعيش في اوطانهم العربية ولم يهاجروا لفلسطين، اي اننا بدلا من شكرهم ودعمهم واحتضانهم قام ثوريونا والغاضبون منا بالعكس من ذلك تماما، واصطفوا مرة اخرى مع غلاة الصهاينة ممن كانوا يرغبون في تفعيل مثل تلك الهجرات لتعزيز وجودهم.
وفي هذا السياق يروي الوزير والسفير والمثقف المصري ثروت عكاشة في كتاب ذكرياته انه تسلم عام 1959 إبان الوحدة المصرية – السورية خطابا خاصا من المفكر الاسرائيلي المعروف الياهو ساسون قال فيه انه وكثيرا من المفكرين والساسة الاسرائيليين لا يمانعون فيما لو تحققت الوحدة العربية ان تكون اسرائيل ضمن تلك الوحدة على ان تكون لها وضعية خاصة وعلاقة مفتوحة مع كل العرب وقد فوتت الثورة العربية والانفعالية السائدة فرصة الحديث العاقل حول تلك المبادرة او اي خيار آخر ينهي الإشكال المزمن ويخلق حالة استفادة متبادلة بين الطرفين تجعل تقدمهم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي المعروف بمنزلة القاطرة التي تسحب المنطقة الى الأمام وتجعلهم بالمقابل يستفيدون من محيط شرقي مرحب بهم يعيد للاذهان دور اليهود الفاعل في نهضة الاندلس وعملهم آنذاك مع محيطهم الاسلامي المعتدل والمتسامح.
آخر محطة:
يقع خلف فندق الشيراتون في بحمدون مباشرة شارع يضم منازل ومعابد اليهود اللبنانيين المهجورة ويحسب للبنان ولسكان الجبل حفاظهم على تلك المنازل والمعابد دون مصادرة كما حدث في بعض الدول الاخرى.