اللون البهيج الاخضر الذي صبغ تداول يوم الخميس الماضي يحتاج الى متابعة كي يبتعد عن الانهيارات التي اصابت بعض الاسواق الاخرى، خاصة ان الآخرين في المنطقة يتوقعون الحلول من الكويت صاحبة التجربة الرائدة في الأسواق المالية، ومن الامور التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها حقيقة ان بنوكنا وشركاتنا مرتبطة بأسواقنا المحلية وقل ان تجد في ميزانياتها من له امتداد فاعل بالاسواق الاميركية الا ما ندر، كما ان اقتصادنا قد فك ارتباطه بشكل مبكر مع الدولار الاميركي الذي يتعرض للضغوط هذه الايام.
لقد ضخت الدول المتقدمة مئات المليارات في اسواقها المالية ولا يحتاج الامر في الكويت إلا لإنشاء محفظة «جامبو» لا تزيد مدتها عن 3 سنوات ولا يزيد رأسمالها عن مليار دينار كي تقوم بتوفير السيولة العاجلة للسوق لتمنع انهياره، ويمكن لهذه المحفظة ان يكون لها مردود مالي جيد حال استرداد السوق عافيته كونها ستشتري الاصول بأدنى أسعارها لبيعها حال انتهاء موجة الانخفاض.
والشركات المساهمة المدرجة بالبورصة هي المنفذ البديل لتوظيف الكويتيين واي ضرر يصيبها سيرغمها على القيام بعمليات خفض عمالة مما سيزيد من عدد العاطلين الكويتيين ويرسل رسالة قوية للشباب مضمونها عدم وجود ضمان وظيفي في شركات القطاع الخاص مهما كبرت، ومن ثم سيصطف الجميع مستقبلا في طوابير الخدمة المدنية كي توظفهم الدولة.
ويمكن للكارثة الحالية ان تصبح اداة تقييم ومحاسبة لأداء المدراء في البنوك والشركات فيكافأ من خرج من الازمة بأقل الخسائر ويعاقب من تسبب بخسائر معقولة تفهما للظروف العامة، ويحاسب من نام بالعسل وورط شركاته فيما لا يحتمل واكتشف انه لا يملك الذكاء والدهاء والمعرفة والمتابعة المطلوبة، إن نظرية أن المدراء هم كأسنان المشط في ادائهم لا صحة لها على الاطلاق والازمة الحالية هي اقرب للنار التي تمتحن بها معادن المدراء.
ومما هو ملاحظ ان الدول المتقدمة لا تربط امرا بأمر آخر، فحال وقوع الكارثة المالية العالمية قامت على الفور بضخ مئات المليارات لإنقاذ وتعويم الاسواق والشركات، ولم يقم احد بالكونغرس الاميركي او غيره بربط تلك الحلول بأمور اخرى كالقول لماذا ندفع للأسواق المالية ولدينا ملايين العاطلين ومن ينامون في الشوارع؟ ان القضايا المختلفة تناقش بشكل منفصل حتى لا نكرر في الاقتصاد ما قام به صدام في السياسة، اي عندما اعلن انه لن ينسحب من الكويت إلا اذا انسحبت سورية من لبنان واسرائيل من فلسطين.. الخ.
آخر محطة:
اخشى ما اخشاه هو ان تنتهي الازمة العالمية الطارئة لتبدأ بعدها كارثة عربية واقليمية دائمة.