هناك مفهوم خاطئ متوارث لدى النواب الافاضل هو ان دعم برامج الحكومة يعني عدم القدرة على محاسبتها اللاحقة، والحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك بل هي تحديدا على النقيص منه حيث ان معارضة واسقاط كل ما يأتي من الحكومة يعني بالتبعية عدم القدرة على محاسبتها، فكيف تحاسب من غللت يده ومنعته من العمل؟! ان الموافقة على خطة عمل الحكومات، كما يحدث في جميع الديموقراطيات الاخرى تعني المحاسبة طبقا لمبدأ وافقناكم واعطيناكم الفرصة فماذا فعلتم؟!
نقول هذا بعد ان تقدمت الحكومة عبر الامانة العامة لمجلس التخطيط ببرنامج عملها الضخم المكون من مجلدين يحتويان على الف صفحة ويتضمنان مسودة خطة التنمية الخمسية للاعوام 2009 – 2014 لتقديمها لمجلس الامة في 02/01، وبداهة فتعطيل تلك الخطة يعني بكل بساطة ايقاف حال البلد ثم الشكوى بعد ذلك من تقدم الآخرين وتأخرنا.
وأحد الاسباب التي تخلق حالة المعارضة والصدام الدائم بين المجلس والحكومة والتي ادت الى اوخم العواقب في السابق، يقوم على حقيقة ان الناخب الغاضب يخرج دائما نائبا غاضبا، فكلما زار النواب الافاضل دواوين المواطنين وسمعوا منهم تذمرهم ومعارضتهم وتشكيكهم بكل ما يأتي من الحكومة عكسوا ذلك بمواقف حادة في المجلس، فالنائب في النهاية هو مرآة للناخب.
وعليه فان الدعم «الحقيقي» والفاعل لبرنامج عمل الحكومة يقوم على خلق عمل مؤسس منظم يبدأ قبل سنوات من عرض ذلك البرنامج لتسليط الضوء على مشاريع الدولة كي تعطي المواطنين الطمأنة بان اموالهم في يد أمينة وتستخدم لخدمتهم وخدمة اجيالهم المقبلة عبر المشاريع التنموية الكبرى التي تتقدم بها الدولة، ومن ثم ضخ كم كبير من العقلانية والموضوعية والتفاؤل – بدلا من الاحباط والسوداوية – لدى الرأي العام الكويتي.
اننا امام لعبة كرة قدم سياسية متصلة منذ ما يقارب نصف قرن تلعب امام المواطنين الكويتيين تخلى احد طرفيها، ونعني الحكومة، وبشكل فريد عن القيام بأي جهد لكسب الجمهور الذي تحول بأسهل الطرق للفريق الآخر، ونعني النواب، ممن بالغوا في استمالته حتى اصبحوا اسرى دلاله ورغباته التي منها ان يحل هو محل اللاعبين والحكام والمدربين، اننا بحاجة الى وقفة جادة تعيد النظر في قواعد لعبتنا السياسية لتجعلها في رقيها وتقدمها وانضباطها قريبة مما نراه قائما في الملاعب السياسية الأوروبية.
آخر محطة:
ان برنامج عمل الحكومة المقدرة كلفته بمليارات الدولارات حاله كحال أي سلعة أخرى مهما قل ثمنها بحاجة الى تخصيص أموال وموارد لتسويقه، لقد تبنت الحكومة في السابق مشاريع لتسويق الوسطية ومكافحة المخدرات… الخ، والواجب ان تتبنى قضية تسويق برنامجها، فدون تسويق لن ينجح البرنامج.