سامي النصف

الكويت بين الكلمات واللكمات

 

ليغمض من عاش فترة الاحتلال البغيض عينه وليتذكر معاناة تلك الفترة ويتذكر معها كم العهود والوعود والأحلام التي قطعناها على أنفسنا وقلنا اننا سنعملها حال عودة الكويت، آخذين العظة والعبرة من شقاق وتناحر ما قبل عام 90، فما الذي يحدث هذه الأيام؟ وهل نسينا أم هان علينا بلدنا حتى اصبحنا نتسابق على ايذائه وتجريحه عبر ما نراه من فتن تنشر وأقوال تنثر وأفعال تنحر الأوطان من الوريد إلى الوريد نرقبها كل صباح ومساء؟

ان أميركا أم الحريات في العالم لا يسمح فيها، على سبيل المثال، بما يمس وحدتها الوطنية أو ما يشق نسيجها الاجتماعي، فلا يمكن ان يطرح أحد الدعوة لطرد المسلمين أو قتل اليهود أو اضطهاد السود، اما لدينا فنقرأ كل يوم كلمات هي أقرب للخناجر واللكمات التي تثخن جسد الوطن وتسيل دمه الغالي، فبعضها يثـــير الطائفية والآخر العنصرية والثالث استعداء جزء من المجتمع على اجزائه الأخرى وهكذا.

ومما نراه سائدا ومقبولا ترسيخ مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» فلا مانع لدى بعض الساسة من حرق الوطن وتقويض أركانه للحصول على مصلحة ذاتية، ومثل ذلك ادمان استخدام سياسة «علي وعلى أعدائي يا رب» أو «الأرض المحروقة» في معارك وحروب غير مبررة لا تنتهي بين ابناء الوطن الواحد، اننا في حاجة الى منظومة اجتماعية تتكون من كبار رجالات الكويت ومرجعياتها الدينية وشيوخ قبائلها وعوائلها لاصلاح ذات البين بين أفراد شعبنــا الصغير الذي زادت خلافاته عن خلافات أهل الصين والهند معا، حتى يتفرغ الجميع للتعمير لا التدمير، ولكي لا ينتهـــي الحال لدينا بما نراه قائما في بعض دول المنطقة المنكوبة.

ان الثقافة الجديدة وأساسيات الدولة الحديثة تفرض التوقف الفوري عن طرح بعض المقترحات التي تهدم اركان أي دولة مستقرة، فلا يوجد في العالم أجمع من يسمح بالدعوة لاسقاط الضرائب أو عدم دفع فواتير الكهرباء والماء… الخ، ومن ثم فإن القبول باستخدام المطالب المدغدغة يعني ان نسمح ونستمع في الغد لمن يطالب بتعويض خسائر أهل الأسهم وهم بمئات الآلاف من المال العام، أو حتى انتظار آخر العام لاقتسام مداخيل الدولة وتوزيعها بين الناس على مبدأ المثل الشعبي القائل «اكل كل ما عندك الليلة ترى الغزو باكر» اي ألا نبقي شيئا للأجيال القادمة، ولا حول ولا قوة الا بالله.

آخر محطة:
بودي من الزميل أحمد الربعي ان يسن سُنة جميلة وهي تفريغ ذكرياته الاجتماعية والسياسية والعملية في أشرطة تسجيل يمكن له أو من يستعين به ان يحولها بعد ذلك لكتاب أو كتب عدة، منها السيرة الذاتية والمخطوطات السياسية والتاريخية المختلفة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *