كـتبنـا وكتب بعض الاخـوة الآخـرين عن الممـارســات السـالبـة الـقـائمـة في تجــربتنا السـيـاسيـة، وظن البـعض ان هناك تـنسيـقـا ومؤامرة (خفية) على الديموقراطية (! )
وفي ذلك الظن الإثم كله وليس بعضـه، فجمـيع الكويتيين وبجـميع أطيـافهم الاجـتمـاعيـة والسيـاسيـة مؤمنـون بالديموقراطيـة كخـيار وحيـد، ويكمن التباين حول وسائل تحصينها من النقد والارتقاء بهـا وبالبلد مـعـها الى قـمم جـديدة من الانجـاز تجعلها المثل والقدوة للآخرين.
ان أبسط مبـادئ العقل والمنطق السـليمين تظهر ان الدستور واللائحـة الداخلية غير منزلين أو مـعـصـومين حـتى نخـشى من إعـادة النظر ببعض موادهـما من قبل ثلثي الأعضـاء كما نص على ذلك الدستور وعبـر اتفاق مسبق على أي من المواد تحتاج الى النظر بها وتغـييرها الى الأفضل والأحسن، اننا برفضنا غيـر المبرر نصبح ملكيين أكـثــر من الملك ودسـتــوريين أكـثــر من الآباء الدستـوريين للدستـور ممن لم يعطوه القدسـية والعصـمة بل طالبـوا بأن ينظر في تعديـله بعد خمس سنوات من الـتجربة، وقـد مرت هذه الأيام خمسـون عاما (لا خمسة) فـهل يعقل اننا لم نجد بندا واحدا يستحق التـعديل ونحن نرقب عمليات الاثراء غـير المشـروع وسوء اسـتخـدام الأدوات الدسـتـوريـة والغـضب الشـعـبـي على بعض الممارسات الخاطئة؟!
ان في الرفض المطلق غـير المسـبوق في أي ديموقـراطيـة أخـرى في الـعـالم لأي تعـديلات دسـتـورية تستـهـدف إزالة الشـوائب وتعـزيز الإيجابيات أمـورا سالبة عدة منهـا إبقاء الأخطاء وأوجه القـصور الى الأبد والإيحـاء بأن العمـلية الديموقـراطيـة في الكويت على قـدر كـبـيـر من الضـعف والهـزال لدرجـة ان اي تعـديل فـيـهـا سـيؤدي الى وأدها ومـوتهـا، ان اجتـرار الماضي واســتـرجــاع عـمـليـات التــوقف الخــاطئ للديموقراطيـة بشكل غير دستـوري أمر لا حكمة منه، فـقد توقـفت الديموقـراطيات في حـقبـة أو أخـرى في أعرق الديموقـراطيات في العـالم ولم يستـخدم هذا العذر لرفض التـعديلات المستـمرة التي تتم على دساتيرهم.
ان مــا هو مطلـوب تحـديـدا من تعــديل الدستور ليس انتزاع أي صلاحيـة مهمها صغرت من السلطة التـشريعـية ووضعـها بيـد السلطة التنفيذية لا سمح الله بل خلق آليات يفعلها رجال السلطة التشريعية التي هي سـيدة قراراتها للحد من إخـفاقـات تجارب الماضي ومـواكبـة التقـدم والتـوسـع السكاني الذي تم خـلال نـصف قـرن والحد من محاولة جعل الكرسي البرلماني وسيلة لثراء السريع عبر الاسـتخدام الخاطئ للأدوات الدستورية.
لقد باتت الاسـتجوابات الكيدية التي لا تستـهدف الصـالح العام تشكل حـرجا كبـيرا لشرفاء وحكـماء مجلس الأمة حيث تـضعهم بين خيارين أحـلاهما مر الأول ان يشاركـوا ويدعموا تلك المطالب والاستجـوابات بعكس قناعاتهم وما تمليه عليهم ضمـائرهم وحسهم الوطني والثاني ان يحجموا عن المشاركة بها فيحرجوا أمام بعض ناخبيهم ويتهموا بالتخاذل والتهاون.
ان في مـجلس الأمـة الحالي أغلـبيـة من النواب ممن لا يشك أحـد قط في نقاء ضـمائرهم وقــوتهم في مــواقف الحق والدفــاع عنهــا، والواجب ان يـناط بمثل هؤلاء مــســؤوليــة مراجعة الجـوانب السالبة لتجربتنا السـياسية التي شهـد عليهـا الغريب قبل الـقريب ثم وضع الحلول الناجـعة لهـا ودون ذلك سـيبـقى قطار التنمية ومصـالح المواطنين واقفا دون حراك في المحطـة في وقت تمـر بنا قـطارات الآخــــرين مسـرعة للمـستقـبل الزاهر لأوطانهم وأبنائهم، ويبقى تذمرنا الشـعبي مستمـرا الى ما شاء الله دون ان تروي ظمـأه ولا تشـبع جوعـه حـجج تجزم بالقـول ان دستورنا دون دساتيـر العالم أجمع لا يسمح بتغييره للأفضل والأحسن حتى لو غرق المركب بمن فيه.
آخر محطة:
(1) العزاء الحار للنائب الفاضل عبدالله العـجمي لوفاة شقيـقه المرحوم بإذن الله تعالى مـساعد، للفقـيد الرحمة والمغـفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.
(2) الحمـد لله على السـلامة للنائب الفـاضل علي الراشد وماتشوف شر يابوفيصل.