كان يعتقد أن النظام الكوبي مسنود من النظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي ومن ثم فإنه سيسقط بعد دقائق من سقوط ذلك النظام، الا ان ما حدث يظهر بقاء النظام القمعي في كوبا بعد عقد ونصف من سقوط الامبراطورية السوفييتية، ومثل ذلك الاعتقاد ان كوريا الشمالية مسنودة من النظام الماركسي الصيني، وانها ستسقط مع اللحظة الاولى لتخليه عنها، وقد أثبتت أحداث هذه الايام تخلي نظام بكين عن نظام «لتتفتح ألف زهرة» دون سقوطه.
وهناك أزمة خانقة هذه الايام بين روسيا الاتحادية وجورجيا على معطى القبض على جواسيس يعملون لصالح روسيا في تلك الجمهورية وتقديمهم للمحاكمة، وقد أدى ذلك الأمر الى سحب الديبلوماسيين بين البلدين، مما أعاد للاذهان الدور الكبير الذي كانت تلعبه المخابرات السوفييتية في العالم والذي كشف عنه كتاب ضخم مكون من 750 صفحة قام بتأليفه رئيس K.G.B السابق أوليغ غورديسكي بالاشتراك مع د.كريستوفر أندرو الباحث في جامعة كمبريدج البريطانية.
وضمن الكتاب نكتشف أن مخابرات روسيا القيصرية «الاوخرانا» كانت الاشهر في العالم في مجال فك شفرات الاعداء وتجنيد الصحافيين واختراق الخصوم عبر منهجية «العميل المحرض» أي العميل الذي يسمح له بادعاء العداء والمزايدة فيه حتى يصدقه الخصوم فيقودهم للهزائم والنكبات تحت رايات الشعارات البراقة التي يرفعها.
ويرى المؤلفان ان الاسراع بحرق وتدمير مكاتب «الاوخرانا» وقتل قيادييه عام 1917 كان يقصد منه التغطية على الوثائق التي تثبت نجاح ذلك النظام بتجنيد العديد من القيادات البلشفية وعلى رأسها ستالين صاحب المدرسة التي نهل منها عشرات الطغاة فيما بعد!
وشهد عهد ستالين تصاعد أعمال المخابرات التي سميت بـ «التشيكا» في البدء ثم (MGB, GPU, NKVD) حتى انتهى بتسمية K.G.B والتي قادها في البدء رجال أمثال فيلكس دزرجنسكي أو فيلكس الحديدي الذي كان يقول «في الحب والكراهية لا تعرف نفسي أنصاف الحلول» لذا قام بعمليات إبادة ضخمة للمعارضين في السنوات الاولى للثورة، وكان يعمل ويأكل وينام في مكتبه في اللوبيانكا ويأمر بسقي الجنود الفودكا صباحا حتى الثمالة كي يتمكنوا من قتل الآلاف بدم بارد تطبيقا لرؤيته القائلة ان محو الظلم من العالم يمر عبر إبادة الأعداء جميعا صغيرهم قبل كبيرهم.
وضمن تلك الحقبة تم إحياء الشعارات المانوية التي تقسم العالم الى معسكري خير وشر متحاربين الى الابد وتم تصنيف الفلاحين «الكولاك» ضمن معسكر الشر لرفضهم الانضمام للمزارع الجماعية «الكلوخوزات» فتمت ابادة 6 ملايين منهم تبعها ظهور المجاعات في الأرياف بسبب تدمير الزراعة والقضاء على الثروة الحيوانية فتوفي 6 ملايين آخرون وتم في تلك الحقبة اختراع نظرية القاتل المختل كوسيلة للتخلص من القيادات البارزة المنافسة للطاغية أمثال كيروف.
آخر محطة:
وفيما يخص الشأن العربي يذكر المؤلفان ان القيادة السوفييتية لم تكن تفهم قط تصرفات القيادات الثورية العربية أمثال صدام وغيره، وان دعمهم كان بسبب مواقفهم السياسية المساندة للاتحاد السوفييتي ويوضح المؤلفان ان K.G.B اخترقت مكاتب بعض مراكز القرار العربي المهمة كقيامها بتجنيد علي صبري وسامي شرف، كما يذكر ان القيادي الفلسطيني هاني الحسن كان عميلا اعطي له اسم كودي هو «انيت» وكان يتقاضى دوريا مبالغ تتراوح بين 2500 ـ 10000 دولار حسب المعلومات التي يقدمها .
و.. أمجاد يا عرب أمجاد!