محمد الوشيحي

الهيكل ذكر.. والماكينة أنثى..

المقولة العلكة؛ «المجتمعات العربية ذكورية، والمجتمعات الغربية أنثوية» مقولة مغشوشة، أشاعها نسوان العرب، فصدقناهن بهبل أولمبي.

صحيح أن الهيكل، أو «البودي» الخارجي لمجتمعاتنا العربية ذكوري، لكن الماكينة أنثوية بكل أجزائها، والماكينة أهم من البودي، واسألوا عبدالحسين عبدالرضا، الممثل العملاق، جسماً وأداءً، الذي عاتب أمه في «أوبريت شهر العسل» عندما فحصت «بودي» خطيبته ولم تفحص الماكينة، أي العقل، الجزء الأهم.. وفي المقابل، هيكل المجتمعات الغربية أنثوي أو محايد، لكن ماكينتها ذكورية خشنة لا شك.

وقبل أن تشكك، تعال نتفاهم ونُجِب عن الأسئلة المفصلية التالية: مَن الذي يهتم أكثر من الآخر بالمظاهر، أو من الذي من المفترض أنه هو الذي يهتم بالمظاهر والزينة والبذخ والمجوهرات أكثر من الآخر، الرجل أم المرأة؟ المرأة.. صح؟.. طيب من الذي حديثه أكثر من الآخر؛ المجتمع النسائي أم الرجالي؟ النسائي.. صح؟.. طيب من الذي يكيد أكثر من الآخر، بشهادة القرآن الكريم، النساء أم الرجال؟ النساء.. صح؟..

إذا لم تكن إجاباتك مطابقة لإجاباتي، فيمكنك التوقف عن قراءة المقالة عند هذا الحد، لأودعك بحفاوة بالغة، كما يقول مذيعو النشرات العرب. أما إذا وافقتني على إجاباتي، لكنك ما زلت مشككاً في الفكرة، فهات يدك نكمل المشوار، ونتابع الأدلة..

تعال نتفحص الاجتماعات واللقاءات بين العربان من جهة، وبين «الغربان» أو الغربيين من الجهة الأخرى.. أي الفريقين تكون اجتماعاته مليئة بالمظاهر والفشخرة والهليلة، العربان أم الغربيون؟ العربان طبعاً، بدليل أن المسؤول الغربي يحضر حاملاً حقيبته بنفسه، لا يسير إلى جانبه إلا اثنان أو ثلاثة، على أقصى تقدير ومبالغة، في حين يمشي المسؤول العربي بين جيوش جرارة من المرافقين. والدليل الآخر هو نوعية طاولة الاجتماعات والكراسي، هنا وهناك.

طيب، من العسكري الذي يهتم بالمظاهر والفشخرة «على ماميش»، ويمتلئ صدره بالأوسمة، التي قد تصل إلى بطنه، رغم أنه لم يشارك إلا في «حروب البلاي ستيشن»، وتتزاحم النجوم وتتكدس التيجان على كتفيه، في مقابل ضابط لا يحمل على كتفه إلا ثلاث نجمات أو أربعا، لكنه يسيطر على سبعة محيطات، وخمسة وعشرين بحراً مما تعدون، بالبوارج وحاملات الطائرات وأنواع الصواريخ والأقمار الصناعية وغيرها وغيرها؟ أيهما الضابط العربي، وأيهما الغربي؟ وأيهما ماكينته أنثوية استعراضية؟ سأترك الإجابة لك.

وسأكتفي بهذين السؤالين، ولن أذكر مثالاً أو أطرح سؤالاً عن المكائد والدسائس، وأي الفريقين يكيد بعض أعضائه لبعض (يمكنك المقارنة بسهولة بين أعضاء جامعة الدول العربية، وأعضاء الاتحاد الأوروبي)، ولن أعرض مثالاً ولا سؤالاً عن «كثر الهرج» ومن الذي يتصف به، العربان أم الغربيون.

أظن أن الأمور واضحة، والإجابات واضحة، والنتيجة واضحة؛ مجتمعاتنا ليست ذكورية ولا أنثوية، هي بين بين، ظاهرها ذكوري وباطنها أنثوي. على أنها مجتمعات تفتقد إلى لمسة الجمال والأناقة التي تتميز بها الأنثى.

في يوم قطر الوطني، ليس لنا إلا أن نفاخر بتلك الدولة الصغيرة المساحة، التي تحولت إلى كوكب يطل على الأرض من الأعلى، بفضل همم أبنائها وقيادتها الطموحة.

كل عام وقطرنا بخير وتفوق.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *