علي محمود خاجه

شكراً يا إمارات

نعم يا حكومتنا لا يجوز حتى وإن رغبتِ، أن تمنعي الحرية أو حتى أن تفكري في مراقبتها، لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، فقرار المنع الذي صدر في بلدان مجاورة من المستحيل أن يصدر في الكويت، لأننا باختصار لدينا ميثاق يجعلنا نفرض الحرية ولو أبت السلطة. زوبعة خليجية أثيرت أخيراً حول «البلاك بيري» ومنعه، ولأننا كويتيون فنحن لا نحب أن يفوتنا أي حدث دون تعليق، فبين سخرية وحذر من أن تحذو الكويت حذو الأشقاء الخليجيين تفاوتت حواراتنا ورسائلنا، ولكن المفاجأة، لا ليست بمفاجأة، هي إنجراف حكومتنا الرشيدة في معمعمة تلك الزوبعة. فكأن رشيدتنا تتصيد أي خبر قمع حريات كي تصرّح، فقد طمنت أهل الكويت بأن المنع لن يطال الكويت في «الوقت الحالي»، وأضع تحت الوقت الحالي ألف خط. رشيدتنا المسكينة تعتقد أنه لو جهل بعض الناس حقوقهم وواجباتهم الذين جبل أباؤهم عليها ورسخوها بميثاق عزيز يدعى الدستور، فإننا سنصمت ونجعل المركب يسير حسب رياح الرشيدة. لمن يجهل فقط وما أكثرهم، فالنص الدستوري المكتوب قبل 50 عاماً تقريبا مفصّل للرد على ما لن «يمنع في الكويت بالوقت الحالي» حسبما ترى الرشيدة، حيث ينص على أن: «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة وسريتها مكفولة فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه». نعم يا حكومتنا لا يجوز حتى وإن رغبتِ، لا يجوز لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، أن تمنعي الحرية أو حتى أن تفكري في مراقبتها، فنحن ومع احترامنا للأشقاء في الخليج وتحديداً في الشقيقة الإمارات ولإنجازاتها وتقدمها وقفزاتها السريعة، إلا أنها لا تملك ما نملك، فقرار المنع الذي صدر برغبة سلطة لا يمكن واستحالة أن يصدر في الكويت، لأننا باختصار، رغم تذمرنا وسوء أحوالنا، لدينا ميثاق يجعلنا نفرض الحرية ولو أبت السلطة، فشكوى واحدة من متضرر مباشر من أي منع كفيلة بأن تعيد الأمور إلى نصابها ومكانها السليم. نعم نحن نغبط الأشقاء على ما وصلوا إليه، لكننا لن نستبدل تقدمهم بدستورنا ما حيينا، فالرخاء المبني على الأمزجة والأهواء يتحول إلى شقاء بجرّة قلم لديهم. أما نحن فهدية الآباء والأجداد لن تمحى أبداً لأنها استبدت في منحنا الحرية وما أروع ذلك الاستبداد، ولن يتمكن كائن من كان من تقليص الحرية إن التزم بالدستور، وإن لم يلتزم فسنكون له بالمرصاد في قضية كـ»البلاك بيري» أو غيرها. لذا فالرسالة الأخيرة لرشيدتنا، إن عدم المنع ليس هبة تتفضلون بها علينا وتحددون مواعيدها لنا، بل إنكم لا تملكون أي قرار في حريتنا وليس لكم سوى تنظيمها في حدود القانون، وهو أقصى ما يمكن لكم فـ»لا تمنّون لأنكم ما تقدرون». وشكراً للشقيقة الإمارات على هذا المثال الحي الذي قدمته لنا كي نعرف ما نملك ونفخر به. خارج نطاق التغطية: تجديد جواز السفر يحتاج إلى شهر كامل كي يتم بعد أن كان لا يستغرق أكثر من يومين أو ثلاثة، وهو ما يعني المقدرة على إنجاز هذا الإجراء في فترة زمنية قصيرة، فهل الداخلية تطمح الى التردي في خدماتها؟ 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *