سامي النصف

أميرة الطرب ومطرب العرب

ما يقوم به الزميل الشيخ خليفة علي الخليفة القائم على فعاليات هلا فبراير من إحياء للفن العربي الأصيل فيه إعادة للدور التنويري للشيخ الراحل جابر العلي الذي استقدم كبار الفنانين العرب في الستينيات والسبعينيات وجعل تاريخهم وأعمالهم ترتبط بأغاني كويتية قاموا بأدائها وستبقى باقية بقاء الدهر.

 

لم أجد الرغبة في حضور حفلات هلا فبراير في السابق وقد قبلت قبل ايام دعوة الصديق الكابتن حسام الشملان وحرمه ام مشعل لحضور حفل يجمع بين اميرة الطرب العربي وردة الجزائرية ومطرب العرب الأول محمد عبده لإحساسي بأن تلك الحفلات قد تكون الأخيرة للسيدة وردة بسبب سوء حالتها الصحية، أطال الله في عمرها لأهلها وجمهورها ومحبيها.

 

حضرت الحفل متأخرا بعض الشيء في محاولة لأن أبقي سمعي نظيفا من أغاني مطربي تسخين القاعة المبتدئين ممن يعشق أغانيهم الشباب والشابات، بينما انشغلت ام مشعل بالحديث مع ام عبداللطيف وبـ «الثناء الشديد» على بعض قادة التوجهات السياسية في الكويت ولبنان وإبداء «الإعجاب» ببعض جيران البلدين.

 

حضرت المطربة الكبيرة وردة مستندة على مذيعة الحفل واعتذرت عن مرضها ثم ألهبت القاعة بأغانيها الجميلة، وكان أولها «في يوم وليلة» التي تعمد ملحنها الراحل اللواء الدكتور محمد عبدالوهاب ان يفرد عضلاته بمقدمة موسيقية طويلة مملة جاوزت 20 دقيقة، مما أتعب المطربة المرهَقة أصلا، وهو أمر كانت تشتكي منه ـ للعلم ـ السيدة ام كلثوم حيث كان عبدالوهاب يجعلها تقف متصلبة امام الجمهور لأربعين دقيقة تستمع خلالها لمقدمته الموسيقية وبعد ان تنتهي من الغناء تذهب تلك الألحان لراقصات شارع الهرم ليتمايلن على أنغام «انت عمري» و«أمل حياتي» و«فكروني».. الخ، وهو أمر لم يحدث قط مع ألحان السنباطي وزكريا أحمد الرائعة.

 

حاولت وردة ان تكمل وصلتها الغنائية إلا ان صحتها لم تحتمل فتركت المسرح معتذرة بعد ان طلبت من الجمهور في اكثر من أغنية ان يغني معها او «بدلا عنها» وهو ما تم بإتقان شديد أثبت ان جمهورنا الكويتي عاشق شديد للفرح وحافظ من الدرجة الأولى لأغاني كل المطربين، وفائدة غناء الجمهور بدلا من المطربة إثباته ان الحفل حقيقي وليس قائما على تقنية «البلاي باك» اي التسجيل المسبق والاكتفاء بتحريك الشفاه وخداع الجمهور كما يقوم بذلك بعض المطربين الصغار و.. الكبار!

 

تلا وردة مطرب العرب محمد عبده الذي غنى مجموعة كبيرة من أغانيه التي أحسست من خلالها انه وصل لمكانة من يغني لذاته واختيار ما يرضيه بأكثر من محاولة إرضاء الجمهور، والخلاصة ان الجو العام في تلك الحفلات مليء جدا بالفرح والسرور والبهجة فما الخطأ في ذلك؟! وما الذي يمنع تكرار فعاليات هلا فبراير التسويقية من قبل نفس الشركة خلال أوقات أخرى من السنة وبمسميات مختلفة خاصة بعد ان ضمت لها فعاليات دينية وشعرية شعبية؟ أي لماذا نحرم الناس من عمل ما يودونه ونضطرهم للفرار مع كل عطلة قصيرة؟!

 

آخر محطة: تحولنا لمركز مالي يفرض علينا ان نستقطب الناس لا ان «نطفشهم»، ونفرحهم لا ان نحزنهم!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *