سامي النصف

تاريخ الكويت وتاريخ أسرة الحكم

قام مختار اليرموك «القدوة» الأخ عبدالعزيز المشاري بالدعوة لمحاضرة هامة حول بداية الدولة الكويتية على مسرح خدمة المجتمع في المنطقة حاضر فيها كل من د.ميمونة العذبي والسيد أنور الرفاعي وكانت المحاضرة حافلة بالمعلومات المفيدة التي تستحق ان يتم تضمينها كمقررات إلزامية على طلبة المدارس ليتفقهوا في تاريخ دولتهم.

فمما أظهرته د.ميمونة بالوثائق والدلالات القاطعة ان انشاء الكويت لم يكن كما يعتقد بعض المؤرخين في منتصف القرن الثامن عشر بل مع بدايات القرن السابع عشر وتحديدا عام 1613، كما أشارت الى ان هناك احتفالية كبرى ستقام عام 2013 بمناسبة مرور 400 عام على نشوء الدولة، وقد عرض السيد أنور الرفاعي بعد ذلك مجموعة قيمة من الوثائق والصور التاريخية لبدايات الكويت.

وقد بدأت المداخلات بسؤال تاريخي هام للدكتور خليفة الوقيان وفحواه ان تثبيت بداية الدولة بعام 1613 ـ وهو ما دعمه وكتب عنه الدكتور قبل عشرة أعوام ـ يخلق ثغرة زمنية قدرها 150 عاماً تفصل بين بدء الدولة وبدء حكم آل الصباح عام 1756 فما الذي جرى في تلك الحقبة الفاصلة بين التاريخين؟

أعتقد ان هناك أكثر من تفسير منطقي للفارق بين هذين التاريخين احدها ان يكون احد المؤرخين اعتقد ان بداية الكويت كانت عام 1756 لذا جعل بداية حكم آل الصباح منذ ذلك التاريخ وأرخ لفترة حكم كل حاكم طبقا لذلك، ولو علم ان نشأة الكويت بدأت في تاريخ سابق لعدّل التاريخ تباعا، التفسير الآخر ان بداية حكم آل الصباح كانت بالفعل عام 1613 وان حقب البعض منهم أطول مما هو مدون في كتب تاريخنا، أو كما ذكرت د.ميمونة قد يكون هناك حكام من آل الصباح لم يذكروا في بداية الدولة لقلة المؤرخين.

ومن الأمور الهامة التي يجب ان يتم التطرق لها وايضاحها للأجيال الحاضرة والقادمة عند الحديث عن علاقة الكويت بالدولة العثمانية وبوالي البصرة تحديدا حقيقة ان الدولة القطرية المستقلة في العالم لم تنشأ الا في فترة متأخرة من التاريخ اي بعد سقوط الامبراطوريات العظمى عام 1918، اما قبل ذلك فقد كانت «جميع» الدول تابعة لهذه الامبراطورية او تلك فالعراق والشام يحكمهما ولاة أتراك ومصر والسودان ألبان من أسرة محمد علي وليبيا إيطاليون والمغرب العربي فرنسيون وإسبان، لذا فوجود إمارة او دولة في ذلك الوقت المبكر يحكمها بشكل مستقل ومطلق ابن من ابنائها هو السقف «الأعلى» لاستقلالية الدول قبل 4 قرون حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى، وغني عن القول ان الامبراطوريات العظمى لم تعط صكوكاً لأحد لوراثة ممتلكاتها حتى يحق لصدامي مغرض ادعاء انه وريث سلاطين بني عثمان في ممتلكاتهم التي لم نكن على اي حال منها.

آخر محطة:
 
(1) قرأت في وثائق الخارجية البريطانية 1940 ـ 1958 ان مشكلة ميناء أم قصر «اختلقها» ساسة العراق كرد فعل على السخونة التي سادت ضفتي شط العرب بين العراق وايران في الثلاثينيات (وما خص الكويت؟!) فقرر نوري السعيد انشاء ميناء «طوارئ» في أم قصر يستخدم في حال الحرب مع ايران واغلاق ميناء البصرة وطالب بالاستحواذ دون وجه حق على خور عبدالله وجزيرة وربة حتى لا تتكرر مشاركة شط العرب مع ايران وادعى كما أتى في الوثائق ان الكويت قد تنقلب ضده خلال 20 عاماً!

(2) أسقط واقع الحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988 ذلك التصور الخاطئ الذي كان سبب بداية الإشكال الحدودي بين العراق والكويت حيث لم تكتف الحرب بإغلاق الموانئ العراقية في شط العرب بل أغلقت كذلك ميناء أم قصر الخليجي، ولم يفد العراق الا موانئ دولة الكويت التي بقيت مفتوحة لذا تقتضي التجربة والحكمة والرؤية الاستراتيجية الصحيحة تسليم العراق ميناء أم قصر للكويت للحفاظ عليه مفتوحا إبان الحروب وان يستخدم ميناء البصرة العميق خلال فترة السلم.

(3) لم يعد هناك عذر لعدم وجود سفير عراقي في الكويت والواجب طلب الاستعجال في تعيينه حتى يزول سوء الفهم بين البلدين وتنتهي مرحلة الصدامية دون صدام اي حقب الشك وسوء النوايا ووصاية الكبير على الصغير غير المعمول بها في علاقات الدول المتقدمة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *