سامي النصف

ماذا بقي من الديموقراطية الكويتية؟!

ليس هناك قاسم مشترك بين الديموقراطية المعمرة التي أنشأها الآباء المؤسسون وديموقراطية النهب والسلب والإرهاب والإرعاب التي نعيشها هذه الأيام إلا الاسم والرداء الخارجي، ولو عاد الآباء المؤسسون للحياة لتبرّأوا تماما مما يرون ويسمعون ولما ارتضوا بممارسات العبث والهدر وشتائم أطفال الشوارع والتي جعلت ديموقراطية هذه الأيام القدوة السيئة لباقي شعوب المنطقة بعد أن كانت ديموقراطية الأمس القدوة الحسنة لهم.

لقد بدأ التغييب الحقيقي للديموقراطية الكويتية والإساءة للدستور وتفريغه من محتواه على يد من يدعون زيفا وبهتانا الدفاع عنه وذلك عندما حولوا أدواته الخيرة كالاستجواب إلى وسيلة لشل العمل السياسي وتعطيل التنمية في البلد وإبعاد المسؤولين الأكفاء، كما استنسخوا نموذج المقبور صدام وغيره من الطغاة ممن اعتادوا استحضار «الشجّيعة» و«الهتّيفة» لإرعاب أصحاب الآراء الأخرى.

ومنع وقمع الآباء الزائفون للدستور أي رأي آخر يُطرح على الساحة كحال تعديل الدوائر والمديونيات وغيرهما من قضايا هامة رغم أن صُلب الديموقراطية هو تشجيع الحوار والأخذ بالرأي والرأي الآخر، وتسابق هؤلاء الآباء على تقديم ودعم مقترحات تنسف نصوص الدستور وروحه التي توجب الحفاظ على الثروات العامة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والفصل بين السلطات (المواد التي تجاوز عليها بشكل متكرر من يدعون أبوة الدستور هي 7، 8 ، 17، 20، 23، 24، 29، 30، 31، 32، 34، 35، 36، 40، 41، 42، 50، 56، 66، 91، 94، 107، 108، 110، 120، 121، 151، 163، 174، 175) والتجاوز على بقية مواد الدستور قادم على الطريق مادام يحقق المكاسب الشخصية والبقاء على الكراسي.. الخضراء!

وساد الفساد التشريعي المجلس الذي يفترض به الرقابة ومنع الفساد وتحول إلى وسيلة للإثراء غير المشروع بعد أن منع «حماة الدستور» إنشاء لجنة قيم تحاسب وتعاقب الفاسدين والمفسدين من النواب، وأوقفوا قوانين النزاهة و« من أين لك هذا» بعد أن لاحظ الناس الثراء غير المبرر على العديد منهم ولم يعلم أحد ما إذا كانت الأموال التي تملأ الجيوب داخلية أم خارجية أم.. الاثنتين معا!

آخر محطة:

لضمان أن يبقى الفساد التشريعي والفوضى قائمين، تم كذلك منع مقترح عقد دورات تدريبية للنواب كي يرتقي الأداء ويستفيد البلد، ومرحبا بمن يتعامل مع الكويت على أنها بلده الثاني.. بعد المائة!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *