منذ آلاف السنين والعزيزة مصر تحكم بغير أبنائها، وعندما قامت ثورة يوليو 1952 كان أول رئيس جمهورية هو محمد نجيب المولود في السودان، ثم توالى على سُدّة الحكم رؤساء جمهورية مصريون لم يأخذوا بالنهج الذي أخذت به قبل وقت قصير دول أوروبية كاليونان وإسبانيا بالتحول من الحكم الجمهوري للنظام الملكي الدستوري كوسيلة لدعم الديموقراطية والتنمية والحرية ولتعزيز الاستقرار السياسي.
إن تجربة الاستقلال الأولى والدولة القطرية العربية اللاحقة تثبت بشكل لا يقبل الجدل ان الأنظمة الأكثر إنجازا واستقرارا وتقدما وتطورا هي الأنظمة الوراثية العربية التي توفر الأمن وتمنع التخندقات والنزاعات والحروب الأهلية التي نشتهر بها كعرب وتمتلئ بها أوطاننا من البحر الى البحر.
إن الحديث الساخن يدور هذه الأيام في منتديات وصحف أرض الكنانة عمن سيتولى الحكم بعد عام 2011 في مصر ويطرح البعض للأسف أسماء مستهلكة لكبار السن أمثال عمرو موسى، متناسين الدمار الماحق الذي ألحقه بالجامعة العربية وبالعمل العربي المشترك والأخطاء الجسيمة التي قام بها كحجب مبادرة الشيخ زايد حول العراق والتي من نتائجها الدماء النازفة التي تشهدها ارض الرافدين والتي يتحمل موسى جزءا كبيرا من مسؤوليتها.
وهناك معطى هام هام جدا لا يتم الحديث عنه وهو تأثير ما سيحدث بعد عام 2011 على قطاعات الاستثمار والسياحة والخدمات في مصر والتي تتكفل بجلب عشرات المليارات من الدولارات كل عام وتخلق مئات الآلاف من فرص العمل للشباب المصري، فالاستقرار السياسي والأمني والعلاقة غير المتأزمة مع الدول الكبرى والدول الخليجية هو الضامن لاستمرار تلك التدفقات وهو ما سيتوقف في حال وصول شخصيات او توجهات سياسية مأزومة كحال عمرو موسى أو الأحزاب «المؤدلجة».
إن الحل الأفضل والأمثل والدائم لمصر هو الأخذ بكل شجاعة بالمثالين اليوناني والإسباني والتحول في الحقبة القادمة للنظام الملكي الدستوري كحال المغرب والأردن وهو ما سيضمن استمرار الاستقرار السياسي والأمني الذي تفتقده أغلب دول المنطقة ويعزز من المسار الديموقراطي وإعطاء المزيد من الحريات للأحزاب كالحال قبل عام 1952 ويمنح الطمأنينة الكاملة للمستثمرين والسائحين ممن باتوا يضعون ايديهم على قلوبهم خوفا مما سيجري بعد عام 2011 القادم سريعا لمصر.
إن اللقب الأمثل والأفضل للسيد جمال مبارك وهو شخصية مدنية شابة شديدة الذكاء والتأهيل هو ملك المملكة الدستورية المصرية، والذي سيكون لو تم ذلك الأمر خاصة في ظل أغلبية برلمانية يمكن ان تدعم التعديل والعودة لدستور 1923 الراقي، اول ملك مصري لمصر منذ آلاف السنين وينهي بذلك الخلاف والاختلاف ويكون السد المنيع لعدم انحدار الشقيقة الكبرى لما هو قريب مما هو قائم في العراق والسودان والصومال واليمن ولبنان وأفغانستان.
آخر محطة:
أغلب الأسر المالكة في العالم لم تولد ملكية بل ابتدأت مع وصول قيادي عسكري تاريخي بارز كالفريق طيار حسني مبارك لسدة الحكم، فما المانع من تكرار ذلك النهج المعمول به في أغلب الدول والملكيات الأخرى؟!