في عام 1910 تولى حكم بغداد احد اكثر الولاة اصلاحا وكفاءة في تاريخ العراق وهو الوالي ناظم باشا الذي ردم المستنقعات وانشأ السدود وفتح الشوارع العريضة المسفلتة وبنى المستشفيات والحدائق، وجعل السجون تدار بالطريقة الاوروبية الحديثة وانشأ الصيدليات التي تعمل 24 ساعة وجلب مكائن لرش الشوارع بالمياه، وحصل على فتاوى شرعية بتحريم عمليات الغزو التي كانت تمارسها العشائر والقبائل كما يروي المؤرخ خيري العمري.
وفي احدى ليالي صيف بغداد وضمن حفلة خيرية اقامها على ظهر باخرة نهرية لصالح انشاء احد المستشفيات التقى مصادفة وهو الشيخ الكبير سنا ومقاما بفتاة ارمنية في الـ 18 من عمرها تدعى سارة اسكندريان فهام بها حبا وعشقا وجنونا من النظرة الأولى وتقدم للزواج منها فرفضت (تظهر الصور انه كان اقرب شبها بالممثل المصري عدلي كاسب وسارة بسعاد حسني) وزاد ذلك الرفض من عشقه وجنونه وبدأت مأساتها ومأساته التي انتهت بعزله وقتله عام 1913.
فقد بدأ بالتضييق عليها ومطاردتها مما اضطرها للجوء للقنصل البريطاني الذي تعاون مع الراهبات الفرنسيات والقنصل الالماني لتهريبها في مركب متجه للهند، الا ان الباشا علم بالامر فطلب من عسكر البصرة القبض عليها مما اضطرها للقفز من مركبها الذي اعده لها القنصل الروسي الذي اقلها الى بوشهر الايرانية حيث ساعدها السير برس كوكس في ارسال برقيات الشكوى الى الاستانة تطالب فيها بوقف الوالي عن مطاردتها مما ادى الى صدور امر بعزله بعد ان اصبحت قصة عشقه مضربا للامثال وحديث الصحف والمنتديات، وقد واصلت سارة سفرها لمومبي وكان اول قرار لناظم باشا بعد عزله هو السفر لمومبي لعله يحظى برضاها فلما صدته ارتحل الى اسطنبول حيث قتل بعد وصوله في ظروف غامضة قيل انها متصلة بقصة حبه الفاضحة وخلافه مع الاتحاديين.
تقلد توفيق نسيم باشا رئاسة الوزارة في مصر 3 مرات والوزارة 7 مرات وكان رئيسا للديوان الملكي في عهد الملك فؤاد، وقد سافر للتصييف في النمسا وكان في الـ 67 من العمر فالتقى بالنمساوية ماري هوبنز ذات الـ 17 ربيعا فهام بها حبا وتزوجها على الفور، وعاد بها الى مصر حيث بدأت مأساته فقد ادعت عليه ابنتاه بالتبني أنه مختل العقل ولم يعد مؤتمنا على ثروته الضخمة، كما شنت عليه الصحافة الحزبية هجوما كاسحا لاسباب سياسية مستغلة تلك الدعوى وقالوا انه لم يعد مؤهلا لقيادة البلاد او التصرف بثرواتها.
واعلن الباشا اصراره على التمسك بحبه حتى لو ادى ذلك الامر الى ان يطلق العمل السياسي، وانحدرت الامور الى الاسوأ عندما اعترفت العروس بأنها تزوجته لتضمن مستقبلها المالي، وقام الاطباء بفحص مهين لحالته الصحية والعقلية بناء على احكام المحاكم التي صدرت لصالح ابنتيه بالتبني واتت تقاريرهم مثبتة كفاءته الصحية والعقلية (لا القلبية) وسافر الباشا الى اوروبا هربا من الفضائح حيث توفي هناك بعد وقت قصير بعد ان حرم زوجته وابنتيه من ثروته وتبرع بها كاملة للاعمال الخيرية وقد شيعت جنازته في موكب عسكري مهيب حاملا جثمان ضحية اخرى قتلها الحب.
آخر محطة:
1) مع قدوم الثوريات المباركة للمنطقة العربية في حقبة الخمسينيات وما بعدها توقفت قصص الحب الخالدة واستبدلت بقصص القمع والكراهية الشديدة وتعذيب المعتقلات الرهيبة.
2) اما في مجتمعنا الكويتي والخليجي فقد تسبب ارتفاع الاوزان في اختفاء القلوب بين كتل الشحم واللحم ومن ثم اختفاء الحب الصادق من الجوانح حيث ارى انه لا حب بعد التسعين وزنا لا سنا!