اتى خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله في العشر الاواخر من رمضان حازما في مواقفه وافيا في معانيه، وقد ابتدأ الخطاب بالتعاطف مع فاجعة الجهراء الاليمة مثنيا على توحد مشاعر المواطنين والمقيمين مع الضحايا شاكرا قادة الدول الشقيقة والصديقة على مشاركتهم بلدنا العزاء.
وقد ذكّر الاب ابناءه المواطنين بأن بلدنا هو الملاذ الآمن الوحيد لنا والذي حافظ عليه الاجداد واصبح واجبا علينا ان نوصله آمنا للاحفاد، مبديا ألمه الشديد مما يقال ويكتب ويتسبب في تفتيت واضعاف البلد.
وقد كانت كلمات الخطاب حاسمة في ردع وعدم السماح لمن يحاول استغلال اجواء الحريات التي كفلها الدستور للمساس بنسيجنا الوطني والاجتماعي او لضرب وحدتنا الوطنية، كما دعا سموه القائمين على وسائل الاعلام المرئي والمسموع الى الالتزام بمبادئ الحرية المسؤولة وجعل مؤسساتهم الاعلامية منارات وعـــي وتثقيـــف للمواطنـــين.
ومما اتى في الخطاب الهام الحث مرة اخرى على التمسك بالوحدة الوطنية والتذكير بأنها ما جمع الكويتيين في اسوأ الظروف والمحن خاصة في ظل الظروف الاقليمية والدولية الحرجة المحيطة بنا وضمن معطيات السباق المحموم القائم بين الدول للعمل والانجاز في وقت ساد فيه الجدل والخلاف بين صفوفنـــا.
وكان جميلا ان يستذكر سموه في هذه الايام المباركة الامير الراحل جابر الاحمد والامير الوالد سعد العبدالله طيب الله ثراهما وان يتمنى الشفاء العاجل لسمو الشيخ سالم العلي وعودته معافى لارض الوطن، لقد رسم الخطاب النذير معالم الطريق واضحة لما يفتـــرض ان يكون عليه النهج القادم، والــواجب ان تتلو ذلك الخطاب اعمال ملموسة مـــن قبل الحكومة والبرلمان تشعرنا كمواطنين بتغيير المســـار السابــق.
يتبقى دور المواطن الراعي والمسؤول عن رعيتــه ـ كما اتى في الخطاب ـ في الحقبة المقبلة واعتقد ان اول ترجمة لتلك المسؤوليـــات هي عبـــر نبذ الخلاف وعمليات التشدد والتخندق الطائفي والقبلي، والتوقـــف عن دعـــم المطالب المدغدغة، ومساعدة المسؤولـــين في كشف اوجــــه القصـــور ـ وما اكثرها ـ في اعمــــال الــوزارات والمؤسسات الحكومية، منتظريـــن بعـــد ذلك وضمـــن نهـــج ما بعد الخطاب ان يتجاوب المسؤولون مع ما يكتب وان يبتعدوا عن اسلوب «عمك اصمــــخ» المعتــــاد فقـــد اصبحنــــا واصبــــح البلد على شفا السقـــوط في حفرة سحيقة وما عادت مفردات الكلمات توفي خطورة اوضاعنا الداخليـــة والخارجيـــة حقهــا.
آخر محطة:
فاجعة الجهراء، كارثة مجاري مشرف ذات الـ 56 مليون دينار المستباحة من المال العام، فضيحة اللوحات الاعلانية، مشروع تخصيص «الكويتية» المتعثر وغيرها كثير هي ملفات ساخنة قائمة والناس تنتظر وترقب كيفية التصرف والمحاسبة فيها فإن شهدت الحزم والحسم اطمأنت على مسارها الجديد ومستقبلها، وان بقينا على طمام المرحوم فسيشعر كثيرون بأننا تعدينا مرحلة الاصلاح ولم يبق الا انتظار ان ننتهي الى ما انتهت اليه دول اكبر منا واعظم سادت ثم ابادها الفساد والتسيب وكثرة الجدل وقلة العمــل.