سامي النصف

مشروع الدولة ومشروع الكعكة

عندما كان الآخرون في الإقليم يعاملون بلدانهم كما تعامل الكعكة ونحن نعامل بلدنا كما تعامل الدول سبقناهم بخمسين عاما، وعندما بدأنا بالتعامل مع بلدنا بمنهاجية الكعكة التي يتم التسابق على قسمتها وأكلها وتحولوا هم للتعامل مع مشروع بناء الدولة أصبحوا يسبقوننا بخمسين عاما وهذه هي الإجابة المختصرة على السؤال المتكرر الذي يطرح يوميا «لماذا تقدموا وتخلفنا»؟!

ففي مشروع الدولة تبنى المشاريع لخدمة جميع الناس وفي مشروع الكعكة تسرق المشاريع لتنفيع القلة من ذوي الحظوة والبأس، في مشروع الدولة تتصاعد روائح العطور والبخور من المشاريع التنموية الناجحة وفي مشروع الكعكة تفوح روائح المجاري والمخلفات البشرية من المشاريع التدميرية للفرخة المذبوحة أو الكعكة المقسومة.

في مشروع الدولة يخطط لبقاء الوطن ألف عام، وفي مشروع الكعكة يختفي الوطن في أقل من الف دقيقة او حتى ثانية، في مشروع الدولة يستخدم السلاح للدفاع عن الأوطان ضد الغاصب المحتل حماية للأجيال القادمة، في مشروع الكعكة يأتي الغاصب والمحتل من الداخل فيستخدم السلاح وعمولاته لإسعاد أجياله المقبلة دون غيرهم.

في مشروع الدولة أول من يدعم هو المسؤول النزيه والنظيف وفي مشروع الكعكة أول من يؤجج ضده ويضحى به هو المسؤول العفيف والشريف، في مشروع الدولة يقرب المنظرون وحملة الأفكار وفي مشروع الكعكة يقرب الموظفون وحملة الأسرار، في مشروع الدولة يضحى بألف مسؤول فاسد لأجل الوطن، في مشروع الكعكة يضحى بالوطن ألف مرة لإنقاذ مسؤول فاسد واحد فيحمل على الأكتاف كي يغرق ويغرقهم معه.

في مشروع الدولة الاعتداء على المال العام خط أحمر يطرد ويعزل من يقوم به، وفي مشروع الكعكة الاعتداء على المال العام خط أخضر يطرد ويعزل من لا يقوم به، في مشروع الدولة يمتلئ المجتمع بالأصحاء نفسيا وجسديا فتشعر بالسعادة والرضا على وجوه الجميع، وفي مشروع الكعكة تتفشى الأمراض الجسدية والنفسية على الجميع ويطغى الحقد والحسد فينعكس الحزن والبؤس على النفوس.

في مشروع الدولة يتسابق الشعب ونوابه ومسؤولوه على العطاء والتضحية والبذل وفي مشروع الكعكة يتسابق الشعب ونوابه ومسؤولوه على الأنانية والجشع والبخل، في مشروع الدولة يتسابق المسؤولون على الدفاع عن مشاريعهم «النظيفة» في وسائل الإعلام، في مشروع الكعكة يختفي هؤلاء المسؤولون تحت جنح الظلام كونهم يعلمون إنه لا يوجد هناك ما يستحق الدفاع عنه.

في مشروع الدولة الجميع تحت القانون والمحاسبة وفي مشروع الكعكة الجميع دون استثناء فوق القانون والمحاسبة، في مشروع الدولة يضحى بالأرواح لأجل الوطن، في مشروع الكعكة يضحى بالوطن لأجل حفنة قليلة من أرواح المتجاوزين والسارقين، في مشروع الدولة يتسابق الناس للحروب دفاعا عن الوطن، في مشروع الكعكة يتسابق الناس للهروب مخرجين ألسنتهم لذلك الوطن.. المنهوب.

آخر محطة:
 
(1) في مشروع الدولة يزهو ويفرح الرجال فخرا بما حققوه وفي مشروع الكعكة يبكي الرجال كالنساء حزنا على وطن أضاعوه.

(2) الشكر الجزيل للزميل النائب علي الدقباسي لتقديمه مقترح قانون تجريم دعاوى الكراهية، راجين سرعة الإقرار وتشديد العقوبات قبل لا يضيع علينا الوطن.. الكيكة..!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *