إذا كانت الفائدة الوحيدة للتاريخ هي عدم تكرار الأخطاء، وهي بديهية بسيطة لم نستوعبها حتى اليوم لذا بقينا في حلقة مفرغة من إعادة الأخطاء، فإن الفائدة الوحيدة بالمقابل لوجود المثقفين والمفكرين والأذكياء في الأمم هي الاستماع لآرائهم والأخذ بتوصياتهم ووضعها موضع التنفيذ بدلا من الضرب بها ـ كعادتنا ـ عرض الحائط.
فالأمم المتقدمة يرسم سياستها ويحرك جيوشها وناقلات طائراتها ـ للعلم ـ المفكرون والمنظرون وتبقى تلك السياسات قائمة ومفعلة حتى تستبدل بأفكار جديدة يمثلها منظرو ومفكرو الحزب المنافس او أحيانا مفكرون جدد من نفس الحزب، وفي جميع الأحوال هناك الاستماع الدائم لما يقوله أصحاب الثقافة والفكر وهذا سر تفوقهم وتقدمهم وقلة الزلل في أعمالهم.
في بلداننا العربية الوضع أقرب دائما لإدارة «البقالة»، اي لا مكان للتفكير والتنظير والثقافة والعمل الاستراتيجي طويل المدى بل تشرق الشمس كل صباح ليتم رش الماء امام المحل و«اصبحنا واصبح الملك لله» وهل من مشاكل تواجهنا هذا الصباح؟ وبعد ان يمضي اليوم بأكمله في حل تلك المعضلات الآنية واليومية يتم إغلاق المحل ليلا انتظارا لصباح يوم جديد لا يختلف إطلاقا عن سابقه.
والحقيقة التي لا تقبل الشك او الجدل اننا في الكويت نحتقر المفكرين والمثقفين ونفخر بمخالفة ومعارضة ومناكفة وتسفيه ما يقولونه ليترك الأمر بعد ذلك للجهال وأنصاف المتعلمين ممن لا يحاسبهم أحد على أخطائهم أو على تسببهم في الإشكالات المتواصلة التي نعيشها والتي جاوزت مشاكل الهند والصين معا.
آخر محطة:
(1) في ظل تلك النظرة الاستعلائية والدونية لمفكري ومثقفي البلد يطرح تساؤل محق وهو لماذا لا يرمى هؤلاء في أقرب صناديق قمامة حالهم حال أي أغراض لا يحتاج اليها الناس؟!
(2) انتهيت للتو من قراءة التقرير الذي رفعه الديبلوماسي والمثقف اللبناني شارل مالك في 5/8/1949 لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الخارجية حول ما يجب على لبنان والعرب عمله فيما يخص العلاقة بالمعسكرين الشرقي والغربي واسرائيل، ولو عمل بجــــزء من توصياته لتفادت المنطقة جميع الحروب والمشاكل ولقاربت في تقدمها وثرائها الدول الاوروبيــــة والشرق آسيوية ولكن على من تقرأ مزاميــــرك يا… شارل!
(3) رحّلت الإمارات عطلة الإسراء والمعراج ليوم الأحد ورحلناها نحن ليوم الخميس فاستفادوا هم من بقاء علاقتهم مع العالم 4 أيام ونحن 3 أيام فقط ولا شيء يهم.