الكويت بلد لا زرع ولا ضرع فيه لذا يعتمد في بقائه المستقبلي على موردين اثنين لا ثالث لهما، أولهما النفط الذي صدر حكم عالمي بإعدامه ولم يبق إلا التنفيذ الذي يمهد له عبر ضرائب الكربون ودعاوى محاربة التلوث والحد من الانبعاث الحراري.. الخ، وقد أشار تقرير السيد بلير الى تلك الحقيقة القائمة.
المورد الثاني الذي سيبقي الكويت قائمة حتى لو بالحد الأدنى من مستوى العيش هو استثمار العوائد المالية بشكل يخلق لنا تدفقا ماليا بديلا، وضمن ذلك النهج التأكد هذه الأيام من استقلالية كل المؤسسات الحكومية والبعد عن الاعتماد على المال العام لتسديد خسائرها في وقت يفترض ان تقوم فيه بتحويل أرباحها المجزية للخزينة العامة لمنع عجوزات قادمة ضخمة ستؤثر على سعر صرف الدينار في بلد يستورد كل شيء وستفرض رفع الدعم عن وقود السيارات والكهرباء والماء والمواد التموينية كحال بقية دول العالم.
فما نشهده هذه الأيام هو أقرب لنحر مستقبل الكويت من الوريد الى الوريد، فمن الجانب الرسمي هناك محاولة لإرضاء «الهوس الشعبي» المجنون بما يسمى مشاريع البنى الأساسية اي البناء غير المدروس للمزيد من الطرق والجسور والمستشفيات والجامعات.. الخ، متناسين ان انخفاض اسعار النفط سيقلل مستقبلا وبشكل كبير من أعداد السكان ومن ثم يصبح ما نملكه اليوم اكثر من حاجتنا الفعلية وسيتحول ما نبنيه الى أطلال دون أثر واسألوا في هذا السياق احدى دول المنطقة (القدوة لدى مفكري شعبنا الأذكياء) التي بالغت في عمليات البناء فتحولت ميزانيتها من «الفوائض» الى «العجوزات» التي لا يعلم احد متى يتم سدادها.
وعلى جانب السلطة التشريعية هناك تدمير كامل لجميع مؤسسات الدولة: اهمها مؤسسة التأمينات الاجتماعية ثم باقي المؤسسات العامة، حيث يشتري بعض الاعضاء اعادة انتخابهم عبر المطالبات الشعبوية باهظة التكاليف المدمرة لميزانيات تلك المؤسسات بحجة ان الميزانية العامة كفيلة بسد تلك الخسائر التي جاوزت عشرات المليارات من الدنانير ولم يقل لنا هؤلاء «المنجمون» كيف علموا بأسعار النفط المستقبلية وانها كفيلة بخلق فوائض تعمر ما دمروه بسبق إصرار وترصد؟ ما يحدث هذه الأيام أشبه بتكبيل أيدي وأرجل الكويت.. قبل نحرها!
آخر محطة:
رغم كل تلك التضحيات الجسام التي تدمر غد الكويت لأجل إرضاء المواطن اليوم، الا ان الدراسات العالمية المختصة التي نشرت في الصحف قبل ايام تظهر بوضوح ان المواطن الكويتي هو اقل شعوب الأرض سعادة وقبولا بوضعه.. وعجبي!