سامي النصف

جذور الحرب الأهلية الكويتية (1)

نحن في الكويت مسلمون دينا وعرب قومية، وسكان للجزيرة العربية والشرق الأوسط موقعا، والملاحظ ان الحروب الأهلية تنخر بأراضي العرب حيث اشتعلت الحروب في الاردن ولبنان والجزائر سابقا ولحقتها العراق وفلسطين وبقيت حروب السودان واليمن والصومال على حالها مثلها مثل الشعوب الإسلامية المبتلاة دولها بحروب الشيشان وافغانستان والبوسنة وكوسوفو والهند وجنوب الفلبين وغرب الصين.. الخ، وكانت جزيرة العرب هي الأوفر حظا بالحروب الأهلية عبر غزو القبائل بعضها بعضا، وغزوها للآخرين حتى اوقفها المصلح العظيم الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، وقد زادت الحروب الأهلية في منطقة الشرق الأوسط عددا عن حروب دول البلقان.

والملاحظ ان مثقفي ومفكري تلك الدول المبتلاة وآخرها العراق كانوا ينكرون دوما وجود النيران الخافية تحت الرماد ويكابرون بالقول ان تلك الحروب الاهلية تحدث فقط لدى الآخرين ولا يمكن لها ان تحدث لدينا مستشهدين عادة بالتاريخ متناسين حقيقة ان عدم حدوث احداث في الماضي لا يعني عدم حدوثها مستقبلا، ومن ثم يمنعون بجهلهم التعامل الوقائي مع مستصغر الشرر قبل استفحاله ولا يعلم خطأ ذلك النهج الا بعد خراب البصرة وكم بصرة دمرتها غفلتنا.

ومازلت اذكر تقريرا لمراسل الـ «نيويورك تايمز» ارسله من رواندا قبل الحرب التي قامت بها والتي ذهب ضحيتها الملايين، حذر وتنبأ فيه بقيام تلك الحرب المروعة بسبب لهجة الخطاب الحادة بين قبيلتي الهوتو والتوتسي اللتـين كانت احداهما تسيطر على الإذاعة والأخرى على التلفزيون ولم يتحرك احد تبعا لتحذير التقرير حتى حركت الانهار الجثث الطافية الملقاة بين الأشجار.

ولا تقوم الحروب الاهلية الا على معطى «ايديولوجيا التخاصم والكراهية» بين الاثنيات والاعراق والطوائف والديانات التي تتشكل منها المجتمعات فمن دون تلك الايديولوجيا الدافعة لكراهية الآخر لا تقوم الحروب بل تصبح تلك التباينات اضافة جميلة للمجتمعات ومن ذلك دعوتنا المتكررة لإصدار تشريع يجرم بقوة وبقسوة دعاوى الكراهية في المجتمع الكويتي.

ويسبق الحروب الأهلية عادة اضعاف للروح الوطنية التي تجمع الجميع ويتم حجب الوطنية عن الآخر، فهؤلاء غرباء، قادمون جدد.. الخ. أو بالمقابل ان الآخرين مستكبرون مستغلون للموارد الاقتصادية.. الخ، ولا تصبح الفوارق الاقتصادية بين افراد المجتمع أداة للحرب الأهلية ما لم يتم تحويلها إلى ايديولوجيا التخاصم والكراهية سالفة الذكر والغريب ان تلك التباينات الاقتصادية المرفوضة مع الآخر تقبل وبكل رحابة صدر ضمن التجمع التعبوي الواحد.

والملاحظ ان الحروب الأهلية في جميع تلك البلدان المبتلاة قد سبقتها قطيعة مع الآخر والتركيز على نقاط الاختلاف لا الالتقاء وتعميم التهم والكراهية فجميع «هؤلاء» سيئون وبالطبع كلمة هؤلاء تعني الآخرين من شركاء الأوطان وتتحول الاحقاد الى اشكالات سياسية «ظاهرة» تخفي تحتها النيران الخافية في الصدور وترفع ضمن راياتها دائما وأبدا قضايا الظلم الاجتماعي وتبني الاصلاح ومحاربة الفساد ويسمح في احدى مراحل تلك الحروب بتدخل القوى الخارجية، والى الغد وكيفية اطفاء الحرائق والاحقاد وابعادها عن مجتمــعنا الكويتي الآمن.

آخر محطة:

يجب ألا يسر المسؤولين ان ترتبط اسماؤهم بأسماء مكروهة جدا في المجتمع لكون تلك الأسماء تحث عبر القول والمقال على كراهية شرائح كبيرة في المجتمع، حيث ان تلك الكراهية ستنتقل منها الى من تدعي انها تمثله والأمر بالفعل خطير.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *