بينما نحن مشغولون بأزماتنا السياسية وانتخاباتنا النيابية ومعاركنا الإعلامية والكلامية بدأ يجتاح الكويت تسونامي اقتصادي مدمر لم نشهد له مثيلا في تاريخنا، ستسقط مقدمته الشركات المساهمة بمختلف أنواعها، ثم يتعداها الى البنوك التي اقرضتها ومنها الى كينونة البلد ومواطنيه حيث سيتسبب تفعيل قانون ضمان الودائع في تسييل جميع أصولنا وبيعها بأبخس الأثمان لدفع أثمانها للمودعين ما يعني التدمير الكامل لاقتصادنا وتوقف الدولة على الأرجح عن دفع الرواتب والأجور في المستقبل.
وإذا كنا نفهم ونتفهم ان تربح أو تخسر هذه الشركة أو تلك مليونا أو خمسة ملايين دينار، إلا أننا لا نستطيع ان نستوعب أرقام خسائر مجنونة كأن تخسر شركة مواد بناء ما يقارب المائة مليون دولار في حقبة كان فيها الطلب على أشده على تلك المواد، فمن أين أتت الخسائر؟ وأين ذهبت الأموال؟
ويردد بعض الساسة والأكاديميين والإعلاميين كالببغاء ان إنقاذ الشركات والبنوك في الشرق والغرب تم لأنها تدفع الضرائب (!) ونحن لا ضرائب عندنا، متناسين ان ما دفع للاستحواذ على شركات العقار والتأمين والبنوك الاستثمارية الغربية لا يمكن ان يسترد من خلال الضرائب حتى بعد ألف عام، فخطط الإنقاذ قد فعّلت كي لا تكبر كرة ثلج الأزمة الاقتصادية وتدمر كل شيء أمامها.
انّ جعل دفع الضرائب مقياسا للإنقاذ الاقتصادي من عدمه في بلدنا يعني الا ننقذ الافراد كذلك، حيث ان المواطن الأميركي والأوروبي والآسيوي يقوم بدفع الضرائب التي لا يدفعها المواطن الكويتي فهل يعني هذا تركه لمصيره كحال تركنا للشركات المساهمة والبنوك؟!
ان كبار الخبراء والمستشارين في العالم يحذّرون من تداعيات أزمتي شركات الاستثمار في الكويت وشركات العقار في دبي ومازالت دولة الامارات تعمل جاهدة لحل اشكالها العقاري بينما يكتفي البعض الجاهل لدينا في الكويت باختزال ذلك التسونامي في أنه مشكلة 10 أفراد لا غير يراد إنقاذهم وتعجز الكلمات بعد ذلك عن الرد على تلك الافتراءات.
ان على الدولة ان تتحرك بسرعة بعد ان تأخرت كثيرا في ضخ الأموال والسيولة اللازمة للسوق وتلك المبالغ لن يعرف مقدارها حتى تبدأ خطوات العلاج الأولى، وهذا ما حدث تماما في الغرب حيث ضخت الأموال ثم ضخ المزيد منها حتى ان بعض دولهم تقوم هذه الأيام بضخ الأموال للمرة الخامسة في السوق لعل وعسى أن يتوقف التسونامي ويقل تضخم كرة الثلج الاقتصادية وتداعياتها الرهيبة.
آخر محطة:
آخر ما يحتاجه البلد هذه الأيام هو حناجر تصدح وتصرخ ضد مشروع الإنقاذ الاقتصادي كوسيلة للوصول للكراسي الخضراء على حساب تدمير الوطن.