سامي النصف

نحو تعريف جديد للبطل العربي

تمر علينا هذه الأيام ذكرى استشهاد أحد أبطال العرب الكبار ونعني الشهيد رفيق الحريري الذي من علامات ورموز بطولته انه أوقف الحرب الأهلية في لبنان عبر تبنيه لمشروع اتفاق الطائف في وقت يفخر فيه الآخرون من لوردات الحرب اللبنانية بإشعالها وتدمير وطنهم الثاني.. المائة!

ويحسب للشهيد الحريري انه عمّر لبنان الذي خرّبه منتقدوه، وحقنه لدماء أبنائه في وقت يبني فيه الآخرون عروش زعمائهم على جماجم الأبرياء من مواطنيه، ولم يعرف عن الشهيد انحيازه او تعصبه الديني أو الطائفي في وقت يفخر فيه منافسوه بانتماءاتهم الدينية والطائفية المدمرة.

وكما أنقذ الشهيد البطل الحريري لبنان من مأساته في حياته، استطاع عبر استشهاده وبعد مماته أن يحرر بلده من الاحتلال وان يوقف من عملية تسجيل قضايا الاغتيالات ضد مجهول عبر إشراك العالم أجمع في إصدار القرارات الأممية التي ستتأكد من عدم ذهاب تلك الجرائم دون عقاب كما هو الأمر المعتاد في لبنان.

إننا في حاجة هذه الأيام لتعريف جديد للبطل العربي بعد امتلاء تاريخنا المعاصر بالطغاة والقتلة والمغامرين والغزاة ممن أحالوا هزائمهم النكراء إلى انتصارات وهمية كاذبة، ونحتاج توازيا لتعريف جديد لمفهومي الهزيمة والانتصار في قاموسنا العربي.

فأي انتصار هذا الذي تم في غزة وقد سُفكت دماؤنا لا دماء الخصم، وهدمت مبانينا لا مبانيهم، وحوصرت أرضنا لا أرضهم، وعاش أهلنا في العراء والجوع والبرد القارس بينما يعيش مواطنوهم في البيوت والمستوطنات الدافئة والآمنة، كما تيتم أبناؤنا لا أبناؤهم وترملت نساؤنا لا نساؤهم وثكلت أمهاتنا لا أمهاتهم؟ إن كان هذا هو الانتصار بالمفهوم العربي والإسلامي فمرحى مرحى بالهزائم التي لن تكون بالقطع أسوأ من تلك الانتصارات.

آخر محطة:

تسببت الانتصارات المتتالية المذهلة في تحول الإسرائيليين إلى التوجه اليميني المتطرف الرافض لمبدأ الدولتين والمشجع لعمليات الاستيطان، وهيك نصر لن ينتج عنه إلا.. هيك نتيجة. هذه النوعية من الحروب تجعلنا نُصر على خيار السلام والاعتراف بإسرائيل، لا حفاظا على وجودها بل على وجودنا قبل ان نتحول إلى أمة عربية منقرضة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *