للدستور نصوص وللدستور روح، الاستجواب في روحه كما يتفق عليه الخبراء الدستوريون هو عبارة عن سؤال او اسئلة توجه للمسؤول المعني في قضية «محددة» فاذا لم يعجب النائب رد المسؤول أحاله ـ وبشكل محق ـ الى استجواب، الذي هو سؤال نيابي مغلظ يقصد منه البحث عن الحقيقة في امر ما.
فكيف يصح ـ ضمن المعادلة السابقة ـ ان يقدم استجواب للمسؤول ثم يعلن بعد ذلك ـ لا قبله ـ ممن قدموا الاستجواب انهم سيبحثون عن محاور له؟! لقد قلنا وكررنا ان الاستجوابات في العالم تقوم على القضية وان استجواباتنا تقوم على الهوية ومبدأ «ابيك، ابيك» وهي ثقافة سياسية مدمرة مستحدثة تفرغ دستورنا الرزين من محتواه وتجعله اداة رخيصة للمشاكسة بين السلطات، ارى ان الامر يحتاج لرأي المحكمة الدستورية في تلك الممارسة الخاطئة ـ ومعها الرأي ـ فيمن يعلن ويحدد موقفه من الاستجوابات قبل المداولة لا بعدها.
اعادة الثقة بالوزير احمد العبدالله امر جيد ولكن ماذا عن بقية من ظلموا في موجة استجوابات الهوية والاستقصاء الظالم امثال الشيخ علي الجراح ود.معصومة المبارك والنوري والسنعوسي والصبيح… الخ ومعهم رئيس الكويتية طلال المبارك الذي كان جل ذنبه انه لا يجامل في الحق ولا يضعف امام ضغوط النواب كما اثبتت الأيام صحة موقفه من تحديث اسطول «الكويتية» الذي يتحمل مسؤولية إلقائه ـ للعلم ـ الوزير المعني آنذاك لا نواب مجلس الامة.
نبارك للكويت اختيار السيد عبدالعزيز العدساني رئيسا لديوان المحاسبة كونه يمثل امتدادا جميلا للراحل الكبير براك المرزوق، نرجو أن نرى قريبا وفي عهد «ابو يوسف» منح رجال الديوان حق احالة المخالفات الجسيمة الى النيابة العامة وان يتم التعامل بجدية تامة مع المخالفات المرصودة من قبل الديوان وان توقف في المقابل العلاقة «المحرمة» بين بعض موظفي الديوان وبعض النواب حيث يأمر الاخير فينفذ الاول ويتم رصد مخالفات مصطنعة بقصد خلق ارضية صالحة لاستجوابات يستقصد من خلالها الأكفاء والمصلحون.
اتى في حكم المحكمة الدستورية أنه لا يجوز رصد مخالفات على وزير ما في مرحلة ما قبل تعيينه، بالقياس هل يجوز لديوان المحاسبة ان يتضمن تقريره لعام 2009، على سبيل المثال، مخالفات حدثت في وزارة ما عام 2000 او في السبعينيات؟ تقرير مثل هذا يدين الديوان قبل ان يدين الوزارة كونه هو الذي سكت عليه طوال هذه السنوات، كما ان اخراجه في هذا الوقت يعني استهداف المسؤول الجديد في قضايا حدثت قبل توليه المسؤولية، نرجو ان يتضمن تقرير الديوان سنة التقرير فقط والا يتعداها الا في قضايا كبرى ولأسباب واضحة.
يطالب البعض بأن يفصح النواب الذين لهم مصلحة في مشروع دعم الشركات، وهو مطلب محق، وان كان علينا ان نحدد تلك المصلحة، اي هل تعني من يملك سهما واحدا في احدى الشركات؟ ولكن ماذا عن المستفيدين من قانون شراء القروض والفائدة هنا اوضح واجل واكثر تكسبا؟ حيث كيف يصح لنائب او نواب ان يروّجوا لإسقاط القروض وهم من كبار المستفيدين من ذلك المقترح الذي لا يراد له ان يختص بالمعسرين وضعاف الحال بل ان يستباح المال العام عبر شراء قروض «المقتدرين» وبعض النواب بالطبع على رأسهم؟
آخر محطة:
لماذا لا يعلن نواب القروض عن رغبتهم في عدم الاستفادة الشخصية من مشروع اسقاط القروض كي يعلم الناخبون ان كانوا يستهدفون افادة المقترضين أم افادة الذات؟ او ماذا عن المقترضين الجدد بعد اسقاط القروض؟ هل ستشترى قروضهم طبقا لمبدأ المساواة الدستوري ام سيميز ضدهم؟