أمران وددت لو يتم التطرق لهما في القمة الاقتصادية المقبلة في القاهرة نظرا لتأثيرهما السلبي على مشاريع التنمية العربية أولهما الحروب المتواصلة على الأرض العربية التي تهدم كل ما يبنى، وثانيهما الزيادة السكانية الرهيبة التي يعاني منها وطننا العربي الكبير والتي تجعله في عوز شديد للمال والحاجيات الأساسية.
نشرت جريدة «الخبر» المصرية نص الحوار الذي دار بين الوزير د.المصيلحي ومواطن لديه 13 ولدا ونصيبه من العيش رغيف وانه أرسل إليه 30 شكوى لم يرد عليها، وكانت إجابة الوزير الحكيم بسؤاله: «هل أنا جبت هؤلاء العيال أم أنت؟» وأضاف:كيف لنا ان نطور التعليم والصحة والإسكان وندعم قضايا التنمية ونقضي على الفقر ونحن لا نستطيع التحكم في نسلنا وعدد أولادنا؟
إن مشكلة زيادات السكان الكارثية تعاني منها أوطاننا العربية من الخليج الى المحيط واحدى المظالم التي تحدث ان من يكثرون النسل يستولون دون وجه حق على أموال شركائهم الآخرين في الأوطان، نظرا لتكفل الأموال العامة ـ لا أولياء الأمور ـ بعمليات تعليم هؤلاء المواليد الكثر ورعايتهم صحيا وسكنيا وتوظيفهم ثم الصرف عليهم في سجون الأحداث والكبار عند ارتكابهم الجرائم بسبب ضعف التربية.
ولتبيان حجم المشكلة في أكبر دولة عربية وهي مصر ولحقيقة انها الوحيدة التي تحتفظ بإحصائيات سكانية تمتد لأكثر من قرن ونصف قرن كنا قد ذكرنا في احد مقالاتنا السابقة ان عدد سكان مصر والدنمارك عام 1880 كان 5 ملايين لكل منهما وأصبحت مصر الآن 80 مليونا، بينما بقيت الدنمارك على 5 ملايين وسيتضاعف عدد سكان مصر على رقعة الأرض نفسها خلال الفترة الممتدة الى 2050 بينما تبقى الدنمارك على عدد السكان نفسه وهو أمر مشابه لأوضاع باقي الدول المتقدمة التي تتناقص أعداد شعوبها فتتحول من الثراء الحالي الى الثراء الفاحش مستقبلا بينما تتحول دولنا من الفقر الحالي الى الفقر المدقع مستقبلا.
قرأت قبل مدة كتابا مهما كتبه محمد علي علوبة باشا عام 1942 تحدث فيه باستفاضة عن كارثة التزايد السكاني آنذاك في مصر، حيث وضع جدول مقارنة تبين من خلاله ان نسبة المواليد من السكان عام 1937 كانت في مصر (44) لكل ألف وهي الأعلى في العالم، ثم الهند (34)، وألمانيا (18)، وأميركا (17)، وفرنسا (14)، كما أظهر ان عدد سكان بريطانيا وفرنسا كان 42 مليونا لكل منهما وعدد سكان مصر 16 مليونا إلا أن عدد مواليد مصر آنذاك كان 704 آلاف في العام الواحد، بينما لا يتجاوز عدد مواليد بريطانيا وفرنسا 600 ألف طفل.
آخر محطة:
أمل الأمة العربية الوحيد هو السلام والحد من القنبلة السكانية، وفي المقابل دمار وإفقار الأمة هو بالحروب والتكاثر السكاني، المؤسف ان أمتنا الانتحارية تعمل بجد للأخذ بالخيارين الأخيرين وتترك الخيارين الأوليين، قلة حكمة.