«حدس» هي حركة سياسية شعبية رائدة شديدة التنظيم وتعتمد الفكر الجمعي قبل اتخاذ المواقف وهو امر جيد، لذا صعب علينا فهم بعض القرارات والمواقف التي اتخذتها الحركة مؤخرا ومن ذلك:
يفترض ان تكون مشروعات «المصفاة» و«الداو» هي مشروعات عامة للكويت وليست مشروعات خاصة بالحركة، لذا فليس ملائما على الإطلاق ان تظهر الحركة غضبها لإلغاء تلك المشاريع عبر المطالبة بتشكيل لجان التحقيق او التهديد بالاستجواب كونه يوحي بأن الدفاع عن تلك المشاريع كان دفاعا عن مكتسبات خاصة بالحركة.
ثم ان في ذلك التوجه خلقا لثقافة «جديدة» خاطئة على الساحة السياسية الكويتية لا يوجد مثلها في الدول الاخرى وهي اعتبار إلغاء اي مشروع لأي وزارة (إسكان، أشغال، مواصلات.. الخ) هو امر يستدعي قيام «فزعة» للجهة التي ينتمي لها المسؤول ومن ثم تترسخ فكرة ان الوزارات هي ممالك ومكاسب ومغانم للوزراء ومن ينتمون اليهم، من جهة فإن في تلك الفزعة ضغطا لا يصح على الجهات الرقابية في البلد مثل مجلس الأمة وديوان المحاسبة اللذين ساهما في إلغاء مشروعي المصفاة والداو.
ولم تكسب الحركة شيئا من طلب تشكيل لجان للتحقيق في مشروعي المصفاة والداو عدا الايحاء بأنها تعلم بأن هناك اجراءات خاطئة تمت في تلك المشاريع ومن ثم تريد الضغط باستخدام تلك الورقة التي ان صحت فستدينها كونها ـ ولا احد غيرها ـ من تبنت تلك المشاريع ودافعت عنها، كما ان اثبات صحة تلك المشاريع كأفكار واسعار، وهو امر ضعيف الاحتمال في ضوء ما قاله المحللون، سيدينها من زاوية اخرى وهي انها لم تعد مؤثرة في الشارع السياسي او القرار السيادي.
وللحقيقة وللتاريخ، فمع تراجع النفط كوسيلة للطاقة يفترض ان تصبح الكويت ودول الخليج المركز العالمي للمصافي وللصناعات النفطية والبتروكيماوية والبلاستيكية.. الخ، لذا لم يكن هينا على شعبنا تقبل فكرة الغاء تلك المشاريع، لذا فالجميع يطالب بتحكيم الضمائر لا الأهواء لمعرفة حقائق ما جرى ومن ذلك صعوبة فهم وجود نواب في لجان التحقيق ممن كانت لهم مواقف مسبقة صارخة ضد او مع تلك المشاريع وكان من المفترض ان تضم تلك اللجان المهمة بعض النواب وبعض القضاة وبعض الاقتصاديين وبعض النفطيين المحليين والخارجيين ممن لم يعرف عنهم الانحياز الشديد لهذا الرأي او ذاك.
آخر محطة:
هل يتوقع احد لنائب او ممثل لتكتل ساهم في رفض واسقاط تلك المشاريع ان يرضى بتقرير نهائي يثني على تلك المشاريع ويلقي باللوم على من الغاها او اوقفها؟! ألم يكن من الافضل للأحبّة في الحركة الا يتخذوا موقفا حتى صدور التقرير النهائي للجان التحقيق فإن أثنى على تلك المشاريع كسبوا وان تم رفضها جاز لهم إما ان يطعنوا في حيادية اللجنة وهو امر مشروع او حتى ان يتقبلوا ذلك الرفض كونهم لم يرفضوا ذلك الإلغاء؟!